وقوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(١) : إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات ، وشرح هذين الوصفين يطول ، وقد شرحنا منهما ما يحتمل الشرح في كتاب «المقصد الأسنى في أسماء الله الحسنى» فاطلبه منه.
والآن إذا تأملت جملة هذه المعاني ، ثم تلوت جميع آيات القرآن لم تجد جملة هذه المعاني من التوحيد والتّقديس وشرح الصفات العلى مجموعة في آية واحدة منها ، فلذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «سيدة آي القرآن» ؛ فإنّ (شَهِدَ اللهُ)(٢) ليس فيه إلا التوحيد ؛ و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٣) ليس فيه إلا التوحيد والتقديس ؛ و (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ)(٤) ليس فيه إلا الأفعال وكمال القدرة ؛ و «الفاتحة» فيها رموز إلى هذه الصفات من غير شرح ، وهي مشروحة في آية الكرسي ، والذي يقرب منها في جميع المعاني آخر الحشر ، وأوّل الحديد ، إذ اشتملا على أسماء وصفات كثيرة ، ولكنها آيات لا آية واحدة ، وهذه [آية الكرسي] آية واحدة ، إذا قابلتها بإحدى تلك الآيات وجدتها أجمع المقاصد ، فلذلك تستحق السّيادة على الآي. وقال صلىاللهعليهوسلم : «هي سيّدة الآيات» ؛ كيف لا وفيها الحيّ القيّوم ، وهو الاسم الأعظم ، وتحته سرّ ، ويشهد له ورود الخبر بأنّ الاسم الأعظم في آية الكرسيّ ، وأوّل آل عمران ، وقوله (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)(٥).
__________________
(١) الآية ٢٥٥ / من سورة البقرة.
(٢) الآية ١٨ / من سورة آل عمران.
(٣) الآية ١ / من سورة الإخلاص.
(٤) الآية ٢٦ / من سورة آل عمران.
(٥) الآية ١١ / من سورة طه.