إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ
________________________________________________________
الحسن ، وعلى القول الثاني أن يقول للمورث : لا تشرف في وصيتك وارفق بورثتك (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) قيل نزلت في الذين لا يورثون الإناث ، وقيل : في الأوصياء ، ولفظها عام في كل من أكل مال اليتيم بغير حق (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) أي : أكلهم لمال اليتامى يؤول إلى دخولهم النار ، وقيل : يأكلون النار في جهنم (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) هذه الآية نزلت بسبب بنات سعد بن الربيع ، وقيل : بسبب جابر بن عبد الله ، إذ عاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مرضه ، ورفعت ما كان في الجاهلية من توريث النساء والأطفال ، وقيل : نسخت الوصية للوالدين والأقربين وإنما قال : (يُوصِيكُمُ) بلفظ الفعل الدائم ولم يقل أوصاكم تنبيها على ما مضى والشروع في حكم آخر وإنما قال يوصيكم الله بالاسم الظاهر ، ولم يقل : يوصيكم لأنه أراد تعظيم الوصية ، فجاء بالاسم الذي هو أعظم الأسماء وإنما قال : في أولادكم ولم يقل في أبنائكم ، لأن الابن يقع على الابن من الرضاعة ، وعلى ابن البنت ، وعلى ابن الابن المتوفى وليسوا من الورثة (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) هذا بيان للوصية المذكورة ، فإن قيل : هلا قال : للأنثيين مثل حظ الذكر ، فالجواب : لأن الذكر مقدم (فَإِنْ كُنَّ نِساءً) إنما أنث ضمير الجماعة في كن ، لأنه قصد الإناث ، وأصله أن يعود على الأولاد لأنه يشمل الذكور والإناث ، وقيل : يعود على المتروكات ، وأجاز الزمخشري أن تكون كان تامة والضمير مبهم ونساء تفسير (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) ظاهره أكثر من اثنتين ، ولذلك أجمع على أن للثلاث فما فوقهن الثلثان ، وأما البنتان فاختلف فيهما ، فقال ابن عباس : لهما النصف كالبنت الواحدة وقال الجمهور الثلثان ، وتأولوا فوق اثنتين أن المراد ثنتان فما فوقهما ، وقال قوم : إنما وجب لهما الثلثان بالسنة لا بالقرآن وقيل : بالقياس على الأختين (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) بالرفع فاعل ، وكان تامة ، وبالنصب خبر كان ، وقوله تعالى : (فَلَهَا النِّصْفُ) نص على أن للبنت النصف إذا انفردت ، ودليل على أن للابن جميع المال إذا انفرد ؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) الولد يقع على الذكر والأنثى ، والواحد والاثنين والجماعة سواء كان للصلب ، أو ولد ابن ، وكلهم يرد الأبوين (١) إلى السدس (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) لم يجعل الله للأم الثلث إلّا بشرطين أحدهما عدم الولد والآخر إحاطة الأبوين بالميراث ولذلك دخلت الواو لعطف أحد الشرطين على الآخر ، وسكت عن حظ الأب استغناء بمفهومه ، لأنه لا يبقى بعد الثلث إلّا
__________________
(١). أي يحصر الولد حق الأبوين بالسدس فقط.