الاصفهانيّ». من هذه السنة كان في «اصفهان» الى حين وفاته.
شخصيّته.
جمع «الشيخ البهائيّ» في شخصيّته بين العظمة والتواضع. وقد اثنى المورّخون ، على اخلاقه الّتي تحلّى بها ، وشمائله الّتي ندّت عن كريم أصله وحسن تعامله مع الآخرين.
كان «الشيخ البهائيّ» مهيبا مقبول الهيبة ، حسن المنظر ، خفيف الوزن والجثّة نحيلا ، خفيف اللحية ، سمح الكفّ سخيّا ، عالى الهمّة ، يلبس في سفره لباس السيّاح والدراويش.
وكان عطوفا على الناس ، محسنا لهم ، لم ينزو عنهم ليريح نفسه من عناء مجابهة الواقع. وجعل داره مأوى لكلّ محتاج ولكلّ وافد.
وانّما كان يعتقد في محاوراته على الاقناع العقليّ للآخر ؛ دون تشنّج ، او توتّر. انّه في حواره مع كبّار علماء السنّة في «مصر» و «الشام» و «الحلب» ، ما كان يخفي تشيّعه ؛ ولكنّه كان محترما ؛ لانّه كان يعرف كيف يحاور الطرف الآخر ويجعله يحترم رأيه ؛ ان لم يقتنع به.
كان له ـ من قوّة شخصيّته ـ دافع ؛ لان يجهر بقول الحقّ. لم يتوان عن انتقاد الحاكم الجائر الصفويّ في كثير من المواقف في حدود ما رسمه لنفسه من امر بالمعروف ونهي عن المنكر. يذكر لنا المورّخون عددا من الحوادث الّتي تدلّنا على موقف «الشيخ البهائيّ» ، الجري والصريح من الجائر الصفويّ. على سبيل المثال : اقام الجائر الصفويّ في محرّم الحرام في عاشوراء من سنة ١٠١٨ ه ق ، عيد الاضواء. (*) هذا الامر اغضب رجال
__________________
(*) عيد الاضواء : هذا العيد ، اخترعه «عبّاس» الجائر الصفويّ ؛ يقيمه في ايّ وقت شاء من السنة ؛ متى خطر بباله ان يعيّد. تضاء المشاغل والقناديل الّتي لا يحصيها العدّ ، ويدعو الجائر الصفويّ الى مثل هذه الاحتفالات ، سفراء الدول الاجنبيّة ، والسيّاح ، والتجّار الاجانب ، فيجلس معهم في منارة عالية ، ليرى العيد من على اروع واجمل ؛ بخاصّة اذا كانت القناديل المعلّقة اكثر من نجوم السماء.