ب) البيئة الاجتماعيّة.
عاش «بهاء الدين العامليّ» في الزمن الّذي انقسم فيه العالم الاسلاميّ بشكل حادّ الى فريقين : فريق سنّيّ ؛ وفريق شيعيّ. رأى كلّ واحد منهما مصالحه بعيدة من مصالح الآخر. وعاش في «ايران» في محيط كلّ ما فيه يشير الى التطرّف. ويعيش في كلّ مدينة منه الى جانب الحكماء والفقهاء ، والمحدّثين ، والدراويش ، والزهاد ، والعبّاد والمتصوّفة ، آلاف المحتالين والمستهترين. وبين الجميع ، تشنّج وتبرّم وقطيعة كاملة ؛ حتّى داخل الفرقة ـ نفسها ـ التفرقة والتعصّب.
انقسم الفقهاء الى المجتهدين والاخباريّين. والاخباريّون يشبّهون المجتهدين ، بالشياطين ، ويتّهمونهم بانّهم اصحاب الظنّ والتخمين. وانقسم المتصوّفة الى قزلباش ، ونعمةاللهيّين ، وحيدريّين ومشعوذين. وكلّ فرقة حاربت الاخرى ؛ قولا وفعلا. وكلّ فرقة اتّهمت الاخرى ، بالفسق ، او الكفر والنفاق.
اشتغل العامّة بالمستحبّات الدينيّة ، ونسوا الواجبات. آلاف المتديّنين ، يبالغون فى التمسّك بفروع الدين ؛ وآلاف آخرون يرتادون اماكن اللهو ، ويجاهرون بمخالفة تعاليم الدين الّذي لا يعرفون منه سوى لفظة التشيّع.
هذا ، بالاضافة الى الايمان بالتنجيم ، والخرافات ، والاوهام ، والسحر.
كثرت في هذا العصر ، البدع والمذاهب الباطلة ؛ وكلّها لها اتباع من العامّة ، ومن اخطر البدع الّتي ظهرت في هذا العصر بدعة «الجلاليّين» الّذين ظهروا اوّلا في «الأناضول» حيث ادّعى رجل من اتباع «اسماعيل الصفويّ» ، المهدويّة. وقد فرّ اتباعه الى «ايران» في عصر «عبّاس الاوّل» ؛ وكان عددهم كبير. ومن البدع الّتي ظهرت ـ ايضا ـ بدعة النقطويّين ، والفتنة الّتي ترأسها شخص يسمّى «سيّد محمّد» ادّعى انّه نائب الامام ؛ ولمّا كثر اتباعه ، ادّعى انّه «المهديّ المنتظر».
على انّ ارفع درجات التناقض في ذلك المجتمع ـ الّذي غلب عليه الافراط والتفريط في كلّ الامور ، والتناقض في الممارسات والمواقف ـ التعصّب المذهبيّ ، وادّعاء حماية