الدين عند الملوك الصفويّين ، يقابله بعد عن الدين في ممارسات الملوك ، الشخصيّة والعامّة ، وافراغ للدين من مضمونه وجوهره.
والقزلباش ـ الّذين كانوا بادي الامر متصوّفة ـ اصبحوا بالتدريج ـ منذ عهد «طهماسب» ـ لا همّ لهم سوى منافعهم ، والاهتمام بمصالحهم. وحكم زعماؤهم ، الولايات ـ الّتي كان الحاكم الجائر الصفويّ يهبهم ايّاها ـ باستبداد ، وطغيان ، وسوء تقدير. واوجدوا في «ايران» حكومات شبيهة بحكومات ملوك الطوائف. واستبدّوا بالامور ، حتّى اصبحت «ايران» تسمّى مملكة القزلباش. وقد وصل التناقض بينهم الى حدّ جعل بعضهم يتآمر والعثمانيّين على الدولة.
حتّى ، لحاهم استبدلوا بها الشوارب ، وقبعة القزلباش ـ الّتي كانت تدلّ على الاخلاص ، والفناء ، والاطاعة العمياء للمرشد الكامل ـ استبدلوا بها عمامة حريريّة مقصّبة مزيّنة بالجواهر المتنوّعة. وصارت العمامة تعني القوّة ، والنفوذ ، والسيطرة وعلوّ المقام.
كلّ الملوك الصفويّين ـ عدا «طهماسب» المحتال الوسواس ـ كانوا مدمنين على الشراب وعلى المخدّر ؛ وبعضهم كان مفرطا ، و «عبّاس الاوّل الصفويّ» كان مولعا بالشراب الى درجة انّه امر طبيبه الخاصّ ، ان يؤلّف كتابا في منافع الشراب ، وقواعد الشرب وصفات الندامى. وقد ذكر المورّخون منه ومن اسلافه امورا وحوادث كثيرة مؤلمة كان فيها بعيدا من روح الاسلام الحقيقيّ واخلاقيّته.
في هذا العصر المضطرب القلق ـ الّذي خرج فيه الناس عن حدّ الاعتدال ، وذلك الطوفان من آراء والمعتقدات والممارسات المتناحرة المتباينة ـ عاش «الشيخ البهائيّ» بثقة وهدوء لم يتحزّب لايّ فريق على الآخر ، ولم يدخل ضمن الصراعات الآنيّة ، ولم ينحرف قيد انملة عن طريق الصواب ، وانتقد أخطاء الجميع ؛ دون استثناء. وهو بحقّ من اهمّ الّذين دعوا الى الاعتدال ـ قولا وعملا ـ في ضوء التعاليم الاسلاميّة.