______________________________________________________
متقدمة عليه تقدما بالطبع ، فقد انصرح أن ملاك التشبيه سلب الفعل عن العبد ونفي قدرته واختياره على سبيل العلية كما قالته المجوس ، وانما ذلك مذهب الاشعرية في هذه الامة فهم القدرية في قوله عليهالسلام القدرية مجوس هذه الامة لا غيرهم.
وما تحمله امام المتشككين فخر الدين الرازي ومتابعوه في تصحيح كون المعتزلة هم القدرية مما ليس له مساق الى سبيل الصحة ومعاد الى طريق الصواب ، وان أحببت بسط القول فيه فعليك بكتابنا الايقاضات.
قال الجوهري في الصحاح : الجبر أن تغني الرجل عن فقر أو تصلح عظمه من كسر ، يقال : جبرت العظم جبرا وجبر العظم نفسه جبورا ، أي انجبر واجتبر العظم مثل انجبر ، يقال : جبر الله فلانا فاجتبر أي سد مفاقره ، والجبر خلاف القدر ، قال أبو عبيد : هو كلام مولد والجبرية بالتحريك خلاف القدرية (١).
وقال الراغب في المفردات : أصل الجبر اصلاح الشيء بضرب من القهر ، يقال : جبرته فانجبر واجتبر ، وقد قيل : جبرته فجبر لقول الشاعر :
« قد جبر الدين الاله فجبر »
هذا قول أكثر أهل اللغة وقال بعضهم : ليس قوله فجبر مذكورا على سبيل الانفعال ، بل ذلك على سبيل الفعل ، وكرره ونبه بالاول على الابتداء باصلاحه وبالثاني على تتميمه ، فكأنه قال قصد جبر الدين وابتدأ به فتمم جبره ، وذلك أن فعل تارة يقال لمن ابتدأ بفعل ، وتارة لمن فرغ عنه ، وتجبر يقال : اما لتصور معنى الاجتهاد ، أو المبالغة ، او لمعنى التكلف ، وقد يقال : الجبر في الاصلاح المجرد نحو قول علي عليهالسلام يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير ، وتارة في القهر المجرد نحو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا جبر ولا تفويض ، والجبر في الحساب الحاق شيء به اصلاحا لما يريد اصلاحه ، وسمي السلطان جبرا لقهره الناس على ما يريده ، أو لإصلاح أمورهم ،
__________________
(١) الصحاح : ٢ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨