عليهالسلام ان زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئا فقبلنا منه وصدقناه ، وقد أحببت أن أعرضه عليك ، فقال : هاته ، قلت : فزعم أنه سألك عن قول الله عز وجل ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فقلت : من ملك زادا وراحلة ، فقال : كل من ملك زادا وراحلة ، فهو مستطيع للحج وان لم يحج؟ فقلت نعم.
______________________________________________________
قوله : روى عنك في الاستطاعة شيئا.
القول المنسوب الى زرارة وأصحابه ، وقد قال مولانا الصادق عليهالسلام أنه بريء منه ، وأن ذلك ليس من دينه ودين آبائه صلوات الله عليهم ، هو تفويض الفعل واسناده الى قدرة العبد وارادته على الاستقلال بالذات من غير استناد الى الله وارادته تعالى سلطانه أصلا الا بالعرض ، وفريق جم من العامة يسمون أصحاب هذا القول بالقدرية.
ولعل من في اقليم العقل والبرهان يعلم أنه من الممتنع أن يتصحح للممكن الذاتي (١) تحقق بالفعل من دون الاستناد الى الواجب الحق بالذات.
وفي ازاء هذا القول قول الجبرية بالتحريك وأولئك هم القدرية على التحقيق واياهم عني النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « القدرية مجوس هذا الامة » كما قد أسلفنا بيانه ، وهو اسناد أفعال العباد الى الله سبحانه ابتداء ونفي مدخلية قدرة العبد وارادته في فعله مطلقا ، وكان ذا العقل الصريح والذهن الصراح ليس يحتاج في ابطال ذلك الى مؤنة تجشم.
والطريق الوسط الذي هو القول الفصل والدين الحق والكلمة السواء أنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الامرين ، فان المبادي المترتبة المنبعث عنها فعل العبد مبتدأة في جهة التصاعد من القدرة الحقة الوجوبية والارادة الحقيقية الربوبية ، ومنتهية في جهة التنازل الى قدرة العبد وارادته المنبعث عنهما فعله ، والجميع في نظام الوجود مستند الى الذات الاحدية الحقة التي هي في حد نفسها عين العلم المحيط
__________________
(١) في « س » : الذاتية