فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودى له ؛ اذ أنا مذك لنار الكفر أهلّ لها نصيبا أو أثبت لها رزقا ، حتى ألقى الله عز وجل في قلبي حب تهامة فخرجت جائعا ظمآن قد طردني قومي وأخرجت من مالي ولا حمولة تحملني ولا متاع يجهزني
______________________________________________________
( خطبة سلمان رضى الله تعالى عنه المحتوية على الغوامض والاسرار )
قوله رضى الله تعالى عنه : اذ أنا مذك لنار الكفر أهل لها نصيبا أو أثبت لها رزقا
ذكت النار والشمس تذكو اتقدت وأضاءت وذكيتها تذكية ، وذكاء اسم للشمس ، وابن ذكاء للصبح ، وذلك أن يتصور الصبح تارة ابن للشمس ، وتارة حاجبا لها فيقال : حاجب الشمس ، ومن هناك يعبر عن سرعة الادراك وحدة الفهم بالذكاء ، وعلى ذلك قولهم فلان شعله نار وذكيت الشاة ذبحتها.
وحقيقة التذكية اخراج الحرارة الغريزية ، لكن خصت في الشرع بابطال الحياة واذهاقها على وجه دون وجه.
والاهلال أصله رفع الصوت عند رؤية الهلال ، ثم استعمل لكل صوت ، وبذلك شبه اهلال الصبي واستهلاله وقوله عز من قائل ( وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) (١) يعني ما ذكر عليه غير اسم الله ، وهو ما كان يذبح لا جل الاصنام ، وقيل : الاهلال والتهلل أن يقول : لا إله الا الله.
ومن هذه الجملة ركبت هذه اللفظة ، كما قولهم التبسمل والبسملة والتحولق والحولقة والتجعفل والجعفلة ، بناء تركيبيا من قول الرجل « بسم الله الرحمن الرحيم » و « لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم » و « جعلت فداك ».
ومنه الاهلال بالحج ، وتهلل السحاب برقه أي تلا لا تشبيها له في ذلك بالهلال.
والمعنى : كنت أهل للنار بما يكون للنيران من القرابين نصيبا ، وأثبت وأحصل من ديوان السلطان من الارتزاق لبيوت النار طسقا ورزقا.
__________________
(١) سورة المائدة : ٣ وسورة النحل : ١١٥