______________________________________________________
أهلا لذلك.
وتحامل احتمال أن يرجع الضمير في عليه على أبي بكر كما تجشمه البيضاوي مع أن فيه خرق اتفاق المفسرين وشق عصاهم خلاف ما تتعاطاه قوانين العلوم اللسانية والفنون الادبية ، أليس ضمير « أيده » و « عليه » في الجملتين المعطوفة والمعطوفة عليها يعودان الى مفاد واحد ، وضمير ( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ) في الجملة المعطوفة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا امتراء ، فكذلك ضمير عليه في الجملة المعطوف عليها ، أعني ( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ).
الثالث : أن أسلوب ( إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ) في العبارة عن أبي بكر يضاهي أسلوب ( يا صاحِبَيِ السِّجْنِ ) (١) في سورة يوسف ( فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ ) (٢) في سورة الكهف ، فلا تكونن عن ديدن القرآن الحكيم وهجيراه في رموزه وأسراره من الغافلين.
ثم اني أقول : يا سبحان الله ما أبعد البون وأبين البعد بين درجة أبي بكر في اليقين والثقة بالله ورسوله حين كان مع النبي في الغار ، وبين درجة مولانا علي بن أبي طالب عليهالسلام ليلة المبيت على فراش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده ، فاديا اياه بنفسه ، باذلا مهجته في سبيل ربه ويقينه وثقته بالله ، كجبل راس لا تزلزله الرياح العواصف ولا تزعجه الرماح القواصف ، وقد نزل فيه التنزيل الكريم ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٣).
قال علامة علماء العامة وامام المتشككين منهم فخر الدين الرازي في التفسير الكبير : في سبب النزول روايات :
__________________
(١) سورة يوسف : ٣٩
(٢) سورة الكهف : ٣٤
(٣) سورة البقرة : ٢٠٧