______________________________________________________
وهو التحاكم الى عمر باعترافكم هو التحاكم الى الطاغوت الذي عليه المعاتبة في الاية الكريمة ، وعنه اعتذروا أصحاب القتيل الطالبون بدمه بأنه انما أرادوا بذلك الاصلاح والتوفيق بين الخصمين ، لا القضاء والحكم لمن له الحق على خصمه ، والعدول عن رسول الله بالتحاكم اليه حتى يستحق القتل ويكون دمه هدرا.
فكيف يستقيم قولكم؟ والطاغوت على هذا كعب بن الاشرف بل المستبين على هذا أن يكون الطاغوت هاهنا هو عمر أو عمر وكعب بن الاشرف جميعا.
وبالجملة كل من يراد أن يتحاكم اليه لا الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فليس يصح لكم في التوجيه الا أن تقولوا سمى عمر بذلك [ كما سمى به كعب بن الاشرف على المجاز المرسل ] لان التحاكم اليه كان تحاكما الى الطاغوت ، أي الشيطان ، لان الشيطان كان الحامل عليه ، أو لما كان فيه من الفظاظة والغلظة فسمي ذلك « طغيانا » والفظّ الغليظ « طاغوتا » ، واذا كان الطاغوت جمعا كما قلتم وهو الصواب لقوله سبحانه ( أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ ) فلا يصح حمله على كعب بن الاشرف فقط.
فاذن ما أسندتموه الى جبرئيل عليهالسلام من القول وجعلتموه سببا لتسميتكم عمر بـ « الفاروق » غير مناسب لمشرع المقام ومنهل البلاغة.
ثم أقول : قد روى مفسروكم ومحدثوكم أن قوله سبحانه وتعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) نزل في عمر فحديث التهوك في ذلك مستفيض مشهور متلون المتن متشعب الطريق في أصولكم الصحاح وشرحه شراح الحديث من علمائكم.
قال صاحب الكشاف في الفائق : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له عمر : انا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها فقال : أمتهوكون أنتم؟ كما تهوكت اليهود
__________________
(١) سورة البقره : ٢٠٨ ـ ٢٠٩