______________________________________________________
والمنبجس عن علمه وعنايته وارادته واختياره التي هي عين مرتبة ذاته قبل سائر المجعولات ، قبلية بالذات بحسب المرتبة العقلية ، أفضل ما يبلغه ادراك العقول والاذهان ، وأشرف ما وسعه طباع عالم الامكان ، وأن تكون أولى من مراتب مجعولاته ومعلولاته التي هي من جملة الموجودات في نظام الوجود ، أشرف المراتب وأفضلها وأكملها وأجملها ، فاذن وجب أن يكون أولى مراتب نظام الوجود عالم الأنوار العقلية وأن يكون العقل الاول من بينها بخصوصية جوهر ذاته هو المجعول الاول لا غير.
المسألة الثالثة : انما ملاك الشرف والكمال في مراتب الموجودات وجواهر الهويات القرب من جناب الباري الحق ، وميزان الخسة والنقص البعد عن جنابه الاعلى تعالى عزة ، فالوجود يبتدأ منه عز وجل متنازلا في المراتب المترتبة ، من الشرف الى الخسة ، ومن الكمال الى النقص ، ومن المستحيل أن يتمادي الى نهاية.
فيجب أن ينتهي التنازل الى حد محدود هو منتهى الخسة والنقصان لا يتعداه وان هو الا مرتبة الهيولى الاولى الحاملة لطباع ما بالقوة ، وهي لا محالة أخيرة مراتب البداءة ، وهى مشتملة على قوة قبول جميع الصور اشتمالا انفعاليا ، كما الجواهر العقلية التي هي أولى المراتب مشتملة عليها جميعا اشتمالا فعليا.
ثم يعود فيتدرج فيضان نظم الوجود من افاضة الباري الفعال على الانعكاس متصاعدا من الخسة الى الشرف ، ومن النقص الى الكمال ، واذ يستحيل أن يتمادى الى ما لا نهاية ، فينتهي لا محالة الى حد أخير لا يتعداه ، وهو منتهى المراتب في الشرف والكمال.
فهذه المرتبة في العود التي هي أخيرة مراتب نظام الوجود في ازاء المرتبة الاولى في البدو ، والله سبحانه هو المبدأ والمعاد ، ومنه البدو واليه العود ، وهو ولي الامر في الاولى والآخرة ، له الخلق والامر والملك والملكوت ، منه البداءة