______________________________________________________
فنقول اذن : ان هناك مسائل :
المسألة الاولى : قال المفسرون : الذي فرض عليك أحكامه وفرائضه ، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه ، لرادك بعد الموت الى معاد ، وتنكيره لتعظيمه ، كأنه قال الى معاد وأي معاد ، وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه ليس لا حد من البشر غيرك مثله.
أو الذي فرض عليك التخلق بخلق القرآن ، وأوجب لك في بداية الامر بحسب قضائه الاول ، ولوح الاستعداد التام الكامل المفطور الفطري الذي هو العقل القرآني الفرقاني ، الجامع لقوة استجماع جميع كمالات النظر والعمل ، وجوامع الكلم والحكم في الفطرة الاولى ، لرادك في نهاية استتمام عقلك المستفاد واستكمال كمالك الممكن المكسوب الموهوب الالهي في الفطرة الثانية ، الى معاد عظيم بهي ما أعظمه وأبهاه ، لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره ، وهو الفناء المحض في الله في أحدية الذات والبقاء الحق به على التحقيق في جميع الاخلاق والصفات.
وقيل : المعاد مكة زادها الله شرفا وتعظيما ، والمراد رده صلىاللهعليهوآلهوسلم اليها يوم الفتح.
المسألة الثانية : من المنصرح لدى العقل الصراح أنه ما لم تكن بين ذات العلة التامة وخصوصية ذات معلولها المنبعث عن نفس ذاتها بذاتها ، مناسبة ذاتية ، لا تكون بينها وبين غيره من سائر الاشياء تلك المناسبة ، لم يكن يتعين ذلك المعلول بخصوصه من بين جملة الاشياء بالترتب (١) عليها ، والانبعاث عنها دون غيره من الاشياء بالضرورة الفطرية.
واذ الباري الاول جل سلطانه ذاته الاحدية الحقة الواجبة بالذات من كل جهة كمالية تامة وفوق التمام ، في أعلى مراتب المجد والكمال والعز والجلال والقدس والبهاء والعلو والكبرياء ، فيجب أن يكون مجعوله الاول الصادر عن نفس ذاته بذاته
__________________
(١) في « س » : بالترتيب