لا أعلمك الا وقد خسّرت نفسك وتبّرت دينك وغششت رعيتك وأخربت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لا جلهم ـ والسّلام.
فلما قرأ معاوية الكتاب ، قال : لقد كان في نفسه ضب ما اشعر به.
فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا تصغر اليه نفسه ، وتذكر فيه أباه بشيء فعله قال : ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له معاوية : أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال وما هو؟ قال : فأقرأه الكتاب ، فقال وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر اليه نفسه؟ وانما قال ذلك في هوى معاوية ، فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأي؟ فضحك معاوية فقال : أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك ، قال عبد الله : فقد أصاب يزيد.
فقال معاوية أخطأتما أرأيتما لو أني ذهبت لعيب عليّ محقا ما عسيت أن أقول فيه ، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل وما لا يعرف ، ومتى ما عبت به رجلا بما لا يعرفه الناس لم يخول به صاحبه ولا يراه الناس شيئا وكذبوه ، وما عسيت أن أعيب حسينا ، والله ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب اليه أتوعده وأتهدده ثم رأيت ألا أفعل ولا أمحله.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : لا أعلمك الا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك
« خسرت » باهمال السين المشددة بعد الخاء المعجمة ، أي أهلكتها من التخسير بمعنى الاهلاك.
و « تبرت » بتشديد الباء الموحدة بعد التاء المثناة من فوق ، من التتبير تفعيلا من التبر ـ بفتح التاء المثناة من فوق واسكان الباء الموحدة ـ بمعنى الكسر والاهلاك ، والتبار ـ بالفتح أيضا ـ الهلاك.
وايم الله لقد بلغ معاوية من خسارة نفسه وتبار دينه وغشه رعيته الى خيانته اياهم في الدين أمد الاحد فوقه.