الطنفسة فجلست عليها ، فقالت من وراء الستر : يا ابن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير اذننا ، وجلست على متاعنا بغير اذننا ، فقال لها ابن عباس ( رحمة الله عليهما ) : نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة ، وانما بيتك الذي خفّك فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشية لدينك عاتية على ربك عاصية لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاذا رجعت الى بيتك لم ندخله الا باذنك ولم نجلس على متاعك الا بأمرك ، ان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بعث إليك يأمرك بالرحيل الى المدينة وقلّة العرجة.
فقالت : رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب ، فقال ابن عباس : هذا والله امير المؤمنين وان تزبّدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس ، أما والله لهو امير المؤمنين ، وأمسّ برسول الله رحما ، وأقرب قرابة ، وأقدم سبقا ، وأكثر علما ، وأعلى منارا ، وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر ، فقالت : أبيت ذلك.
فقال : اما والله ان كان اباؤك فيه لقصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشؤم بيّن النكل ، وما كان اباؤك فيه الا حلب شاة حتى صرت لا تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين ، وما كان مثلك الا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد ، حيث يقول :
ما زال اهداء
القصائد بيننا |
|
شتم الصديق
وكثرة الالقاب |
حتّى تركتهم كأن
قلوبهم |
|
في كل مجمعة
طنين ذباب |
قال : فأراقت دمعتها ، وأبدت عويلها ، وتبدى نشيجها ، ثم قالت : أخرج والله عنكم فما في الارض بلد أبغض إليّ من بلد تكونون فيه ، فقال ابن عباس رحمهالله : فو الله ما ذا بلاءنا عندك ولا بضيعتنا إليك ، انّا جعلناك للمؤمنين أمّا وانت بنت أم رومان ، وجعلنا أباك صدّيقا وهو ابن أبي قحافة.
فقالت : يا ابن عباس تمنّون علي برسول الله ، فقال : ولم نمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به ، ونحن لحمه ودمه ومنه واليه ، وما أنت الا حشيّة من تسع حشايا خلّفهن بعده لست بأبيضهن لونا ، ولا بأحسنهن وجها ، ولا بأرشحهن