في بيت طوعة
لقد كان في الكوفة ممن تحلى بسمات الرجال المهذبين الذين لم تلم بساحتهم أي لائمة ولا توجهت اليهم مغبّة ، وأنه ذلك الانسان الواحد الحاوي للشرف المعلى والذكر الخالد والثناء الجميل ، وحضى بالرضوان مع حبيب الله وخاتم رسله ، ألا وهي « طوعة ».
ولو كنا النساء كمـن ذكرنـا |
|
لفضّلت النساء علـى الرجال |
فلا التأنيث باسم الشمس عيب |
|
ولا التذكير فخـر للهلال |
أصحيح أن امرأة تفوق الرجال في الفضائل والفواضل؟ نعم أن ذلك لما أجنته في أضالعها من طهارة النفس ، وشرف المنبت والولاء الصحيح لأهل هذا البيت ، فقامت بما يرضى الله ، ورسوله ويحبذه الشرف والإنسانية ، ويدعو إليه الخطر ، والناس يتمايزون بالنفسيات الكريمة والغرائز الطيبة والعمل الصالح.
وماذا على « طوعة » وقد طاوعتها نفسها على متابعة العقل واقتصاص أثر الدين وأداء أجر الرسالة بايواء ابن عم سيد الشهداء وممثله الفذ ، فتحلّت بما فتحلّت بما تخلّى عنه ذووالهمم القاصرة والنفوس الضعيفة والحلوم الضئيلة ، فشع نورها بين هاتيك الظلم المدلهم كما شاع ذكرها في الجوامع والزبر ، وفي ثنايا الحقب والأجيال المتتالية فهي حية بعمرها الثاني حتى يسكنها الله تعالى الخلد محبورة في جوار المصطفى ووصيه المرتضى.
قال المؤرخون : لما بقى مسلم وحده يتلذذ في أزقة الكوفة لا يدري إلى أين يتوجه انتهى به السير الى باب امرأة يقال لها طوعة ، أم ولد كان للأشعث بن قيس أعتقها