خطبة النعمان
لما بلغ النعمان بن بشير الأنصاري وهو والي الكوفة من قبل يزيد اجتماع الكوفيين على مسلم عليهالسلام وبيعتهم له ، رقى المنبر وقال : اتقوا الله عباد الله ، ولا تسارعوا الى الفتنة والفرقة ، فإن فيها يهلك الرجال ، وتسفك الدماء ، وتغصب الأموال ، وإني لم أقاتل من لم يقاتلني ، ولا أثب على من لا يثب عليّ ، ولا أشاتمكم ولا أتحرش بكم ، ولا آخذ بالقرف ، ولا الظنة ، ولا التهمة ، ولكنكم إن أبديتم صفحتكم لي ، ونكثتم بيعتكم ، وخالفتم إمامكم ، فوالله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولولم يكن لي منكم ناصرا ما اني أرجو أن يكون من يعرف الحق أكثر ممن يريده الباطل.
فأنكر عليه جماعة ممن له رأي مع بني أمية حتى قال له عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي وكان مخالفا لبني أمية : ان هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوك رأي المستضعفين ، ولا يصلح ما ترى إلا الغشم.
فرد عليه النعمان : بأني أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إليّ من أن أكون من الأعزين في معصية الله (١).
ان هذا الوالي لم يرد بكلمته « خالفتم إمامكم ونكثتم بيعتكم » إلا التمويه على العامة بصورة خلابة يذكر فيها البيعة ليزيد ، وإنه إمام لا تجوز مخالفته ، وإلا فهو جد عليم بأن ما رماه من القول لاصلة له بالحقيقة لولا تأليفه البسطاء واغرائه الضعفاء المتحرين
__________________
١) الطبري ج٦ ص١٩٩.