ابن سعد مع يزيد
لامناص من الخضوع لناموس الوراثة الحاكم في الجملة بأن لنفسيات الآباء تأثيرا في الأبناء أما بتسريها إليهم مع الطبيعة المشتركة بين الفريقين أو بتمرين مما يترشح من أواني سلفهم المفعمة بالفضائل أو الرذائل من مفعولات تلكم الغرائز ، وبطبع الحال أن الناشئ يتخذ النواجم من ضرائب سلفه سنة متبعة ، اللهم إلا أن يكبح ذلك الجماح ما تتأثر به الأبناء بواسطة الكسبيات ، وهذا على خلاف ذلك الناموس.
وعلى هذا فهلم معي الى عمر بن سعد الذي لم يعرف من أبيه غير المناوأة لأهل هذا البيت عليهمالسلام والحسد لهم ، وكان أخف ما نجم من بغضاء سعد بن ابي وقاص قعوده عن نصرة أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الجمل وهو الإمام المفروض طاعته بعد اجتماع الأمة عليه ، وقالوا له لا يصلح لإمامة المسلمين سواك ، ولا نجد أحدا يقوم بها غيرك ، وهو ممتنع عليهم أشد الامتناع حتى تداكوا عليه لا يرون أحدا صالحا سواه ، فلما رأى حرصهم عليها بسط يده للبيعة فتمت بيعة المهاجرين والأنصار ولم تكن بيعته مقصورة على واحد أو اثنين أو ثلاثة كبيعة أبي بكر وإمامة عمر الثابتة بأبي بكر وحده وتمت البيعة لعثمان في الحقيقة بان عوف.
ولما عاتبه أمير المؤمنين عليهالسلام تظاهر سعد بالشك في الجهاد معه وقال : إني أكره الخروج في هذا الحرب فاصيب مؤمنا فان أعطيتني سيفا يعرف المؤمن من الكافر قاتلت معك (١).
__________________
١) الجمل للشيخ المفيد ٢٩ طبع النجف ثاني.