مشاق ، أنا ابن زياد اشبهته من بين وطأ الحصى ولم يتنزعني شبه خال ولا ابن عم.
وسافر من البصرة الى الكوفة مع مسلم بن عمرو الباهلي ، وشريك بن الأعور الحارثي وحشمه وأهل بيته (١) والمنذر بن الجارود العبدي وعبدالله بن الحارث بن نوفل في خمسمائة انتخبهم من أهل البصرة فجدّ في السير وكان لا يلوي على أحد يسقط في الطريق مخافة أن يسبقه الحسين الى الكوفة حتى أن شريك بن الأعور سقط وسقط عبدالله بن الحارث ومعه أناس رجاء أن يلوي عليهم ابن زياد فلم يلتفت اليهم.
ولما ورد القادسية سقط مولاه مهران فقال له زياد : ان أمسكت على هذا الحال فتنظر القصر فلك مائة ألف. قال : لا والله لا استطيع ، فنزل عبيدالله وأخرج ثيابا من مقطعات اليمن ولبس عمامة سوداء وتلثم موهما أنه الحسين وانحدر وحده ودخل الكوفة مما يلي النجف (٢).
وكلما مر بالمحارس ورأوا تلك البزة ظنوا أنه ابن رسول الله فيهتفون بصوت عال : مرحبا بابن رسول الله وهو لا يكلمهم ، وخرج إليه أناس من بيوتهم متباشرين ظنا أنه الحسين فرأى من تباشرهم بالحسين ماساءه ، وانتهى الى باب القصر وقد أغلقه النعمان بن بشير فأشرف من أعلا القصر يقول : ما أنا بمؤد اليك أمانتي يا ابن رسول الله ، ومالي في قتالك من أرب. فغضب ابن زياد منه وقال له : افتح لاتحت فقد طال ليلك ، وسمعه من كان خلفه فرجع الى الناس يقول : أنه ابن مرجانة ورب الكعبة (٣) فتقهقر الناس الى منازلهم خوفا من سطوة ابن زياد وأخذ الرجل يحدّث جليسه بالشر المقبل من جرّاء هذا الطاغي.
وعند الصباح جمع الناس عنده فقال في خطبته :
ان أمير المؤمنين يزيد ولاني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بانصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم والإحسان الى سامعكم ومطيعكم ، وسوطي على من ترك
__________________
١) الطبري ج٦ ص٢٠٠.
٢) مثير الأحزان لابن نما ص١٤.
٣) تاريخ الطبري ج٦ ص٢٠١.