عيشة راضية مع أي مسيطر ، أليس هو القائل : أن ابن بنت رسول الله أحب الينا من ابن بجدل (٢).
ثم هب انا غاضيناه في نزعته الاموي ، ورأيه العثماني المباين لكل علوي في المبدأ ، فلسنا نسأله على كلمته هذه المنهالة من شتى نواحيها أيحسب أنه يدلي بحجة قوية ويذكر بيعة صحيحة لامام عدل لا تجوز مخالفته.
ألا مسائل هذا الرجل ، متى انعقدت هذه البيعة أيرضا من أهل الحل والعقد أم بكراهية من الناس ، حين أحاط بهم الإرهاب من ناحية والطمع من ناحية أخرى والسيف المزهق لنفوسهم على رؤوسهم ، وآخرون انثالوا عليه وحقائبهم مملوة من وفره وأطراف المفاوز تقل كل فار بدينه وهناك صدور واغرة ، وفي زوايا الأندية ألسنة تلهج باستعظام الواقعة ووخامة العاقبة.
وكان عبدالرحمن بن ابي بكر يجاهر بأنها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل مكانه (٣) والأحنف يذكر معاوية بالشروط التي أعطاها الحسن وكان فيها أن لا يقدم على الحسنين أحدا مع مالهما من الفضل وأهل الكوفة لم يبغضوهما منذ أحبوهما والقلوب التي أبغضوه بها بين جوانحهم (٤).
لكن معاوية لم يعبأ بكل نصيحة أسديت إليه من عماله والكبراء الملتفين حوله وأخذ يبذل الاموال لتمهيد البيعة لولده يزيد حتى تمكن مما أراد بالوعد والوعيد.
ثم نقول لهذا الوالي : متى رضيت العامة والخاصة بالبيعة « لابن هند »؟ حتى ترضخ لمن بعده لولا سماسرة الأهواء ومتبعي الشهوات ، ومن ذا الذي يقصده الوالي المستغشم للملأ حوله من هذا الإمام الذي لا تجوز مخالفته ، ولا تحل نكث بيعته؟ أهو بن ميسون المعروف ببوائقه ومخاريقه المستهتر الماجن؟ وهي يعرّف مجهولا أو ينوّه بمن لا تعرفه الأمة لئن نسي النعمان بوائق يزيد فلم تنسه المواخير والقيان ولم تغفل عنه المعازف والدنان ولم تله عنه المعرة والفجووز والعود والقرود.
ليس بغريب من النعمان اذا جاهر ببيعة يزيد بعد أن كان متأثرا بنفسية أبيه « بشير » الذي لم تشرق عليه أنوار الولاية فأخذ يتردد الجمل في الطاحونة ، وصم
__________________
٢) الامامة والسياسة ج٢ ص٣.
٣) ابن الأثير ج٣ ص١٩٩.
٤) الإمامة والسياسة ج١ ص١٤١.