الاجتماعية. على عكس النظام الرأسمالي الذي يعين حداً ادنى للاجور ولكنه لا يضع علامة للحد الأعلى مما يفسح المجال لنمو الطبقة الرأسمالية المتحكمة بشؤون المجتمع والسلطة السياسية واستفحالها.
ولما كان زمام السلطة وتنظيم اُمور الناس منوطاً بالامام المعصوم او نائبه في زمن الغيبة ، فان الاسلام ، دفعاً لنشوء طبقة ثرية حاكمة ، ألزم العلماء والفقهاء العدول بالتزام التقوى ومخافة الله والزهد في الحياة الدنيا ، وخير دليل نستدل به في هذا المقام ثلاثة اقوال ، اولياها لرسول الله صلىاللهعليهوآله والثالث لعلي بن ابي طالب عليهالسلام. فقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله : ( ما اتخذ الله نبياً الاّ زاهداً ) (١) ، وقوله صلىاللهعليهوآله ايضاً : ( يا علي ان الله تعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي احب اليه منها ، زهّدك فيها ، وبغضّها اليك ، وحبب اليك الفقراء فرضيت بهم اتباعاً ، ورضوا بك اماماً ) (٢). وقول الامام اميرالمؤمنين عليهالسلام : ( ان من اعون الاخلاق على الدين الزهد في الدنيا ) (٣).
وهذا الحث بترك الدنيا وحطامها ، يوجب اقامة نظام سياسي نزيه لا يطمع بمال الناس ولا حقوقهم الشرعية. وهذه الترابية وهذا الزهد الذي اوجبه الاسلام على الرسل والائمة وعدول الفقهاء تمنعهم نظرياً من استئثار ابنائهم وذويهم في التسلط على حقوق الناس واقواتهم ، بل ان مواقع ابناء هؤلاء في النظام الاجتماعي لا تتميز عن مواقع غيرهم من ابناء عامة الناس. واذا كان تدخل الدولة في المجتمع الاسلامي يضمن العدالة ، فان من حق
__________________
(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣٣٣.
(٢) البحار ج ٤٠ ص ٣٣٠.
(٣) الكافي ج ٢ ص ١٣٨.