وإذا قلنا باستفادة الفورية بالدلالة الالتزامية أو الاطلاقية العرفية على أساس المناسبة بين الارادتين التشريعية والتكوينية فلعلّ هذه الدلالة العرفية على القول بها تكون على نحو الاحتمال الثالث ، أي الاتيان بالمأمور به فوراً كلما كان أصل الأمر باقياً ، وحيث انّ الأمر بالجامع يقتضي بقائه فيكون نتيجة الجمع بين الدلالتين هو الاحتمال الثالث ، أي الاتيان به فوراً ففوراً.
وأمّا إذا قلنا باستفادة الفورية من آية الأمر بالاستباق والمسارعة فأيضاً لا وجه للقول بسقوط الأمر بأصل الفعل بترك الفورية ؛ لأنّ تلك الآيات لا تدلّ على الوجوب الشرطي للمسارعة والفورية ـ كما ذكرنا آنفاً ـ بل هو واجب آخر ، فيكون الواجب الأوّل باقياً بمقتضى إطلاق المادة فيه.
أمّا هل تجب الفورية بقاءً أيضاً والذي يعني انّ الواجب لابد من الاتيان به فوراً ففوراً أو يصبح واجباً موسّعاً؟ ظاهر المحقّق العراقي قدسسره في أحد تقريري بحثه (١) الثاني ، وفي الآخر الأوّل (٢).
وحاصل ما ذكره في التقرير الأوّل : انّ الأمر بالواجب لا يقتضي إلاّكون الواجب موسّعاً ، وعنوان المسارعة امّا يفرض انها لا تصدق إلاّعلى الفرد الأوّل من الفورية أو يفرض انّها تصدق على مصاديق طولية عديدة لاتيان الواجب في عمود الزمان ما عدا الفرد الأخير ، فإن فرضنا الأوّل كانت النتيجة سقوط هذا الواجب وبقاء الواجب الموسّع على سعته ، وإن فرضنا الثاني كانت النتيجة عدم وجوب الفور من أوّل الأمر ؛ إذ المسارعة المأمور بها بالأمر الثاني ليست
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ : ٢٥٣ ( ط ـ النجف الأشرف ).
(٢) نهاية الأفكار ١ ـ ٢ : ٢١٩ ( ط ـ جامعة المدرسين ).