إننا اليوم أقدر مما مضى على الوقوف أمام تيارات المفاهيم والقيم التي تردنا من الغرب لننقد ولنحلّل وليس فقط أن نتسلم ونقبل بكلّ شيء ، ووقفاتنا التحليلية هذه لا تتناول بالنقد مسائل ثانوية أو كمالية من حياتنا ولكنها تتناول أساسيات من الأمور من قبيل ثقل وجودنا وحجمه في هذا العالم ، خصوصاً عندما نصطدم بمقادر التفاهة والتبعية للغرب في كل شيء تقريباً التي تلفّ وجودنا هذا. إن إنسان اليوم يستطيع أن يضع في كفّتي ميزان ، عبوديته للغرب ومنجزاته في كفّه ، وتسليمه لله تعالى الذي هو حربته وإنطلاقته في كفه أخرى ، فيرى بأن الكفة الثانية هي الأرجح بلا نزاع. وذلك أنه سيجد بأن بإمكانه أن يستغني بالفانوس عن مصباح الكهرباء وبالأعشاب الطيبة عن الحبوب والحقن ، وبالنظافة وبالعيش النظيف عن الأمصال والحقن المضادة ، وبالخيل والبغال عن السيارات والقاطرات ، ولكنه لن يطيق أن يتخلّى عن حرية قراره وعن كرامته ولن يطيق أن يبقى على الذل والهوان يلعب به وبمصيره صبيان الغرب ولصوصه ويقررون له سير حياته واتجاهها ، يسلبون منه أرضه ويسرقون ثرواته ويدمرون زراعته وريّه ويفسدون عليه بيئته ومحيطة وهم ينتفخون ويتبجحون في نفس الوقت بأنهم المتفضلون عليه وبأنهم هم أهل الخير وبأنهم هم أرباب الكرم والجود. وأيّة لذّة في أن أعيش