حكمه وهذا قضاؤه وقدره وإلا لكان الله قد أغنى أكرم الخلق محمداً (ص) عن كل ذلك الجهد والكفاح وعلى مدى ٢٣ عاماً وجد فيها من الغناء والشدة والأذى والجهد ما وجد من أجل تثبيت دعائم الدين وهو رسولُه وحاملُ رسالته ومبلّغ كلامه ومهبط وحيه وأقرب الحلق إليه.
وما من أمّة ضاقت أحلامُها إلا وضعت كيانُها وانتهت إلى شبح أمة وما من أمّة كبرت أحلامها ولم تعرف الحدود فيما تريد إنجازه وبلوغه من كمال ومجد ورفعة إلا وهي أمّة حيّة نامية قد يصبح في مقدورها أن تبلغ كل مبلغ. وقد كان جديراً بالأمة الإسلامية وهي تؤمن بالله العظيم أن لا تتخلف كل هذا التخلّف وتضيع كل هذا الضياع وتذل كل هذا الذل وتهون هذا الهوان وكيف يكون ذلك وهي تعبد الله عز وجل ، وهو المطلق في كل شيء ، إنه خير مطلق وكمال وجمال مطلقين وعدل مطلق وقوة لا نهائية وقدرة بلا حدود وعلم بلا حدود. وإيمان هذه الأمة بهذا الإله وخضوعها له واعتصامها به لو كان إيماناً حقيقياً لأخذ بها إلى آفاق في العلم والقدرة والقوة والفضيلة أوسع بكثير جداً مما نراه اليوم عند أرقى الشعوب وأكثرها تقدماً ورفاهاً مع عدل وانصاف وخير عميم. وذلك لأن عبادة الله ليست هي صوم وصلاة وحسب ولكنها خضوع وخشوع واستسلام له