وقد سبق أن ذكرنا سرَّ اهتمام نوستردامس بكل من فرنسا وإيطاليا وأسبانيا وقلنا بأن الرجل مسيحيّ كاثوليكيّ فرنسيّ وأن جُلَّ اهتمامه كان حول مصير وتقلّبات هذه الكنيسة ، والدول الثلاثة المذكورة تمثّل معاقل الكاثوليكية في العالم.
ولابد لنا من إلقاء بعض الأضواء على خليفة أسبانيا التأريخية لكي تتكون لدينا صورةٌ فيها شيء من العمق حول ما نحن في صدده. فأسبانيا كما هو معروف كانت موطن حضارة إسلامية راقية ( الأندلس ) ، وفي أواخر العهد الإسلامي فيها في القرن الخامس عشر الميلادي كان للمسيحيين ممالك ومقاطعات كانت بينها خلافات وتنافس شديدين. وعندما جاءت سنة ١٤٦٩ تزوج الملك [ فردناند ] من الملكة [ ايزابيللا ] لتكون النتيجة هي توحيد أكبر مملكتين من بين تلك الممالك , وفي سنة ١٤٩٢ يهاجم جيشُ المملكتين مدينة غرناطة آخر معقل للمسلمين وليستوليا عليها وليعملا بعئذ على توحيد أسبانيا ، وكان من جملة أساليب التوحيد هو التوحيد الديني والذي اقتضى طرد اليهود من أسبانيا ولكنّ الأهمّ من ذلك كان مطاردة كل المسلمين وإبادتهم أما بالقتل أو بالتهجير ، وقد كانت المجاوزر رهيبة بحق المسلمين ، واستمرت عملية مطاردة ومحاصرة المسلمين