كالتمني وغيره ، إذ لا معنى لجعلها واعتبارها ، بل وجودها يتبع أسبابها التكوينية اعتبرها معتبر أولا. والتوجيه المزبور لم ينظر فيه إلى هذه الجهة من الإشكال ، بل النّظر فيه متركز على الجهة الأخرى.
وعلى أي فلا ضير في خروج الصيغ الدالة على التمني وغيره مما يشاكله عن الإنشاء وليس هو بمحذور فسيأتي تحقيق الحال فيها.
وإذا تبين عدم ورود أي إشكال في الوجه المشهور للإنشاء دار الأمر بينه وبين مختار صاحب الكفاية.
والّذي يقرب الالتزام به ويبعد مختار صاحب الكفاية : انه لا دليل لما ذكره صاحب الكفاية إثباتا ، بل هو وجه ثبوتي صرف لا شاهد له في مقام الإثبات ، بل ظاهر المرتكز من ان المنشئ ينشئ نفس المعنى قاصدا إيجاده في وعائه المناسب له بحيث يرى نفسه بمنزلة موجد السبب للأمر التكويني ، لا انه ينشئه لإيجاده في عالم غير عالمه ثم يترتب عليه وجوده في عالمه الخاصّ.
ظاهر ذلك إثبات الرّأي المشهور ونفي رأي صاحب الكفاية ، وبذلك يترجح التفسير الثالث على التفسير الثاني (١).
__________________
(١) لا يخفى انه قد وقع الاتفاق على ان للإنشاء نحو ثبوت قبل تحقق شرائط فعليته ، فللحكم ثبوت قبل تحقق شرط الفعلية ، وهو المعبر عنه بالحكم الكلي في قبال عدمه ، وللملكية نحو وجود بمجرد الإنشاء قبل فعليتها واعتبارها من العقلاء أو الشارع ، وهذا أمر وجداني يعترف به كل أحد على الاختلاف في المراد في الإنشاء.
وهذا ما نعبّر عنه بالوجود الإنشائي وبملاحظة هذه الجهة يمكن ان ننفي سائر الأقوال في الإنشاء.
اما القول الأول : فمقتضاه انعدام الإنشاء بتصرم اللفظ ، لأن ما به وجود المعنى هو اللفظ والمفروض تصرمه ، الّذي ينافي ما قلناه من وجود المنشأ بنحو مستمر.
واما قول المشهور : فلان ثبوته يتوقف على تحقق الاعتبار العقلائي أو الشرعي في وعائه المناسب له. وهذا قد يتوقف على شرائط خاصة ، فإذا لم تتوفر لم يتحقق الاعتبار للمنشإ وهو خلاف للوجدان ،