وأما القسم الثالث : فقد يشكل في إمكانه بأنه حيث يعتبر لحاظ المعنى الموضوع له في الوضع كما عرفت ، فاما ان يكون الخاصّ الّذي يقصد وضع اللفظ بإزائه ملحوظا مع لحاظ العام أو غير ملحوظ أصلا. فعلى الثاني يمتنع الوضع له. وعلى الأول يلزم ان يكون الوضع خاصا للحاظ الخاصّ نفسه وهو خلف الفرض.
إلاّ انه يدفع : بان لا يعتبر في الوضع أو أي حكم الالتفات تفصيلا إلى المحكوم عليه ، بل يمكن الحكم عليه بواسطة عنوان عام مشير إليه بلا التفات إلى نفس المعنون بالمرة ، اما للجهل بجميع خصوصياته الموجبة لجزئيته ، أو لعدم إمكان الالتفات إليه ، كما لو كان الحكم على مصاديق العام وكانت بحد لا يمكن الالتفات إليها بخصوصياتها جميعا.
وعليه ، فيمكن الوضع للافراد بلا التفات إليها تفصيلا ، بل بواسطة العنوان العام المشير إليها ، فيلحظ طريقا إلى افراده ويوضع لها اللفظ بتوسيطه بلا ان يتعلق بها بخصوصياتها اللحاظ. ببيان : ان العام وجه للافراد وتصوره تصور لها بوجه ، وذلك كاف في صحة الوضع لها بلا لحاظها بخصوصياتها.
وبهذا التقريب بيّن إمكان القسم الثالث.
لكن الحق انه لا يدفع الإشكال هنا ، لأن الموضوع له الخاصّ ليس هو الفرد بوجوده الخارجي ولا بوجوده الذهني ، لأن المقصود من الوضع هو التفهيم وانتقال المعنى الموضوع له عند ذكر اللفظ وخطوره في ذهن السامع ووجوده فيه ، والوجود الخارجي يمتنع ان يكون معروضا للحاظ ، والوجود الذهني ، بمعنى انه يوجد هنا في الذهن لقيام البرهان على ان المقابل لا يقبل المقابل ، ومثله الوجود الذهني يمتنع ان يعرض عليه اللحاظ وان يوجد في الذهن ثانيا بوصف وجوده لقيام الدليل على ان المماثل لا يقبل المماثل ، وعليه فما يفرض وضع اللفظ له لا بد ان يكون هو المفاهيم الجزئية بلا وصف وجودها في الخارج أو في الذهن ، فانها