وهذا هو الصحيح في الجواب ، لا ما ذكره المرحوم الأصفهاني من ان إنشاء الوضع حيث كان بالمدلول الالتزامي للاستعمال لأنه لازم الوضع ، كانت الحكاية متعلقة للحاظ الآلي في مقام يختلف عن مقام تعلق اللحاظ الاستقلالي ، فانها ملحوظة استقلالا فمرحلة التسبيب إليها بإنشاء لازمها ، وملحوظة آليا في مرحلة نفس الاستعمال وهو لازمها (١).
وذلك : لأن تعدد مرحلة تعلق اللحاظ واختلاف مقامه لا يجدي في رفع غائلة المحذور وهو اجتماع اللحاظين في شيء واحد في زمان واحد ، إذ اختلاف المرحلة لا يوجب اختلاف الزمان.
الثاني : ما ذكره المحقق العراقي رحمهالله : من ان الوضع لما كان جعل الارتباط بين اللفظ والمعنى أو نظير ذلك ، كان اللفظ في حال الوضع متعلقا للحاظ الاستقلالي لأنه طرف الحكم والاعتبار ، وحيث ان الاستعمال جعل اللفظ حاكيا عن المعنى وفانيا فيه كان اللفظ في حال الاستعمال ملحوظا آلة نظير المرآة. إذ النّظر الاستقلالي يتعلق بالمحكي دون الحاكي. وعليه فإنشاء الوضع بالاستعمال يستلزم اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي في اللفظ في زمان واحد. وهو محال.
ويندفع بما قرره المحقق العراقي : من ان متعلق اللحاظ الاستقلالي في حال الوضع هو طبيعي اللفظ ، لأن الوضع جعل العلقة بين طبيعي اللفظ لا مصداقه الخاصّ. ومتعلق اللحاظ الآلي في حال الاستعمال هو مصداق اللفظ ، إذ به تكون الحكاية. وعليه فلا يلزم في إنشاء الوضع بالاستعمال اجتماع لحاظين في شيء واحد ، لاختلاف متعلق كل منهما عن متعلق الآخر (٢).
وهذا هو الوجه في الاندفاع لا ما ذكره السيد الخوئي من تأخر الاستعمال
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ـ ٣١ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الآملي الشيخ ميرزا هاشم. بدائع الأفكار ١ ـ ٣٣ ـ الطبعة الأولى.