وبالجملة : ثبوت الانسباق لا يرتبط بعالم الموضوع له وتعيينه ، وان المقصود في العنوان ما هو؟ بل هو أجنبي عنه فلاحظ وتدبر (١).
الأمر الخامس : في تأسيس الأصل في المورد ، بمعنى انه مع التردد وعدم قيام الدليل على أحد الاحتمالين فهل هناك من الأصول ما يعين أحدهما أو تكون نتيجته توافق أحدهما؟.
والكلام تارة : في قيام الأصل في المسألة الأصولية ، أعني في مقام الوضع والموضوع له. وأخرى : في الأصل في المسألة الفرعية ، أعني في مقام ثبوت الحكم للمشتق مع عدم تعيين الموضوع له.
اما الأصل في المسألة الأصولية ، فهو غير ثابت ، إذ لا أصل لدينا. يعين ان الموضوع له خصوص المتلبس أو الأعم منه.
وما يدعى من جريان أصالة عدم ملاحظة الخصوصية فيثبت بها الوضع للأعم ، يدفع :
__________________
(١) ذكر الأعلام : ان المراد بالحال في موضوع النزاع هو حال التلبس أو فعلية التلبس لا حال النطق ، واستشهدوا على ذلك بالمثالين. ولا يخفى ان المثالين لا يرتبطان بما نحن فيه بالمرة ، إذ البحث فيما نحن فيه اما عن حمل المشتق على المنقضي أو المتلبس ، أو إطلاقه عليه. والمثالان أجنبيان ، إذ لم يطلق : « ضارب » على الذات ولم يحمل عليها فعلا ، وانما يدل على كونه كذا أمس أو غدا لا انه كذا ، فكأنه يقول : « ان زيدا مصداق للضارب أمس » وهذا لا حمل فيه بالمرة ، وكذا الحال في مثل : « زيد ضارب أمس » فان أمس بيان لوقت انطباق ضارب عليه ولا حمل بالفعل أصلا ، ومثله قد يتأتى في الجوامد التي لا نزاع في وضعها للأعم أو المتلبس ، بل هي مختصة بالمتلبس قطعا ، فيقال : « سيكون هذا تمرا غدا وكان هذا رطبا أمس » .. والشاهد الّذي ينبغي ان يكون للمقام هو مطلق العناوين المأخوذة في موضوعات الأحكام كـ : « العالم يجوز تقليده ». و: « العادل يصح الائتمام به » وهكذا ، فانه لا إشكال في عدم إرادة خصوص المتلبس حال الكلام مع انه لا تجوز في الاستعمال أصلا.
واما ما ذكره في الكفاية تحت عنوان : « لا يقال ... فانه يقال » .. فهو لا يخلو عن إجمال سؤالا وجوابا ، فان ارتباط السؤال بما تقدم لا يخلو عن إجمال. كما ان تسليم صاحب الكفاية بظهور المشتق في الحال غير واضح ، والمتيقن هو ظهور المشتق في الحال ، بمعنى فعلية التلبس عند فعلية الحكم في قبال التعليق لا الحال في قبال الاستقبال. فتدبر.