النسبة بقصد الحكاية عن ثبوتها في الواقع ، فلا بد ان يكون الملحوظ هو الواقع ، فاما ان تكون النسبة في الواقع مطابقة للنسبة الكلامية أولا تكون ، بخلاف الإنشاء ، إذ ليس المقصود منه الحكاية عن الواقع كي يكون الواقع منظورا فيه وتلحظ المطابقة له وعدمها.
ولا يخفى ان هذا الرّأي في الجملة الخبرية والإنشائية هو الأمر الارتكازي لمعناها والمتبادر من الجملة كما يشهد له ملاحظة الاستعمالات العرفية بلا كلام ، كما انه سالم عن جميع المحاذير السابقة وشامل لجميع موارد الاستعمال بلا استثناء.
نعم ، تبقى هناك موارد لا تدخل في الاخبار ولا الإنشاء ، وهي ما أشرنا إليه مما لا يكون المبدأ من الأمور الاعتبارية ، بل كان من الأمور التكوينية ولم يكن القصد هو الحكاية عن تحققه كالتمني والترجي ، فان الجملة في هذه الموارد لا تكون خبرية ، إذ ليس المستعمل فيه هو النسبة بقصد الحكاية عن ثبوتها. ولا إنشائية ، إذ لم تستعمل النسبة بقصد إيجادها المعنى في عالمها ، إذ هي لا تقبل الإيجاد والاعتبار ، بل وجوده يدور مدار تحقق أسبابه التكوينية ، مع ان المقرر انه لا واسطة بين الإنشاء والخبر في الجمل ، بل يمكن ان يقرب هذا الكلام إيرادا على ما اخترناه أو اختاره المشهور في معنى الإنشاء ، وذلك ببيان : انه من المسلم ان موارد التمني والترجي من الإنشائيات ، ومن الواضح انها أمور حقيقة توجد بأسبابها التكوينية ولا توجد باللفظ والاستعمال ، وبضميمة ان الإنشاء في جميع موارده بمعنى واحد يكشف عن بطلان المختار وصحة الالتزام به ، بأنه عبارة عن إبراز الصفة النفسانيّة غير قصد الحكاية.
وحيث انجر الكلام إلى ذلك ، فلا بد من التكلم فيها من جهات ثلاث :
الجهة الأولى : في تصحيح الارتباط الحاصل بين معنى الحرف ومعنى الجملة المدخولة للحرف. إذ لا إشكال في وجود الربط بين معنى « ليت » ومعنى