تقبل الوجود وعروض اللحاظ عليها.
ولا يخفى ان العام لو سلم كونه وجها إجماليا لافراده ، فهو وجه لها بوجودها الخارجي أو الذهني ( وبعبارة أخرى : هو وجه لمصاديقه الخارجية والذهنية ) ، لأنه يتحد معها نحو اتحاد ، ولذا يصح حمله عليها بملاك الاتحاد في الوجود ، وليس هو وجها لافراده في مرحلة مفهوميتها ومعرّاة عن وجودها ، لأن المفاهيم في مرحلة مفهوميتها متباينة ، ولذلك لا يصح حمل المفهوم الكلي على المفهوم الجزئي لا بالحمل الأولي لتغيرهما ذاتا ـ وملاك الحمل الأولي الاتحاد في المفهوم ـ ، ولا بالحمل الشائع لكون الملاك فيه الاتحاد في الوجود ، والمفروض كون المفهوم ملحوظا معرّى عن الوجود وان الحمل بين المفهومين ، وإذا تبين عدم ثبوت الاتحاد بين مفهوم العام ومفهوم الفرد وتحقق المباينة بينهما ، امتنع ان يكون تصور العام تصورا لافراده بوجه كي يصح الوضع للافراد بتوسيط تصور العام ، إذ المباين لا يصلح لأن يكون وجها للمباين كي يكون تصوره تصورا له بوجه.
والجواب ان يقال : ان تحقق الوضع لا يتوقف على لحاظ الموضوع له حتى إجمالا ، بل يمكن الوضع لمعنى مع عدم لحاظه بالمرة أصلا ، وذلك بواسطة الإشارة إليه بأدوات الإشارة كأسماء الإشارة والموصولات وبعض الضمائر.
وعليه ، فلو ثبت عدم إمكان لحاظ الافراد وتصورها ، وعدم كفاية تصور العام في لحاظها وتصورها ولو إجمالا ، لمباينته لما يراد الوضع له وهو المفاهيم الجزئية ، أمكن الوضع لها بلا لحاظها أصلا ، بل بتوسيط الإشارة إليها ، ولا تمتنع الإشارة إلى غير الملحوظ والمتصور أصلا فيما لو لم يمكن تصوره ولحاظه كالأفراد ، لعدم تناهيها عرفا ، فيقال : « لفظ الإنسان موضوع لما هو من افراد الحيوان الناطق » فقد أشير إلى الافراد بالموصول ـ أعني : « ما » ـ ووضع اللفظ بواسطة الإشارة ومعونتها بلا لحاظها أصلا.
والحاصل : ان الوضع بحكم كونه حكما على الموضوع له لا يستدعي