أصالة الظهور ـ كما يظهر من كلماتهم ـ تشخيص مطابقة المراد الاستعمالي للمراد الواقعي ، فلا يغني أحد الأصلين عن الآخر كما لا معنى لإرجاع أحدهما إلى الآخر.
وبالجملة : فلدينا أصلان : أحدهما : يجري في تشخيص المراد الواقعي ، وهو أصالة الظهور. والآخر : يجري في تشخيص المراد الاستعمالي ، وهو أصالة عدم القرينة أو أصالة الحقيقة وتشخيص كونه أيهما ـ أعني الوجوديّ أو العدمي ـ. لا يرجع إلى بحث علمي بل أمر ذوقي وجداني.
ثم انه يرد على الشيخ مضافا إلى ما تقدم : انه لا يتصور الشك في القرينة بنحو تجري فيه أصالة عدم القرينة ، إذ مع فرض كون المتكلم في البيان فلا بد ان ينصب القرينة لو أراد.
نعم قد يشك في غفلة المتكلم عن نصب القرينة فيرجع إلى أصالة عدم الغفلة ، وهو غير أصالة عدم القرينة للقطع بعدم نصبه القرينة ، كما قد يشك في سقوط بعض الكلمات من الكتاب ـ مثلا ـ بحيث يحتمل دخلها في تغيير المعنى ، وفي مثله لا تجري أصالة عدم القرينة ، بل يتوقف العقلاء في مثل ذلك من العمل بالكتاب. هذا بلحاظ القرينة المتصلة.
اما المنفصلة ، فهي لا تستلزم التجوز ، بل تصادم ظهور الكلام في دلالته على المراد الواقعي. وعليه فلا معنى لإرجاع أصالة الحقيقة إليها ، إذ مع الجزم بها لا يلزم ان يكون الاستعمال مجازيا.
وعلى أي حال ، فظهور الكلام حجة على المراد قطعا سواء كان من باب الظن كما عليه الأعلام أم من باب القطع كما حققناه.
وبعد هذا يقع الكلام في جهتين :
الأولى : فيما ذهب إليه المحقق القمي رحمهالله ـ صاحب القوانين ـ من التفصيل في حجية الظواهر بين من قصد افهامه وبين من لم يقصد افهامه ،