سواء حصل العلم أو لا ، إذ ليس المتكلم في مقام بيان غايتية الحذر كي يتمسك بإطلاق الكلام من هذه الجهة ، بل في مقام بيان وجوب النفر ، فلا ينفع في إثبات الإطلاق في الغاية إذ انعقاد مقدمات الإطلاق من جهة لا ينفع في إثباته من جهة أخرى ، فمن المحتمل ان تكون الغاية هو الحذر عند حصول العلم. هذا مع وجود القرينة على التقييد بحصول العلم ، إذ الإنذار المطلوب هو الإنذار بأمور الدين التي تفقه فيها وتعلمها بواسطة النفر ، وهذا هو موضوع وجوب التحذر ، فان شك في انه صادق في خبره أو لا ، شك في كون اخباره عن أمور الدين أو لا ، ومعه يشك في ثبوت موضوع وجوب الحذر ، فلا يمكن الحكم بوجوبه ، لأنه تمسك بالعموم في الشبهة المصداقية. فتدبر (١).
هذه هي مؤاخذات صاحب الكفاية لهذه الوجوه ، وسنعود إلى تحقيق الحال فيها بعد قليل فانتظر.
وقد ذكر المحقق الأصفهاني قدسسره وجوها ثلاثة أخرى لتقريب دلالة الآية على حجية إنذار كل منذر.
وقبل ذكرها نشير إلى ما حققه قدسسره في معنى : « لعل » ، فقد توقف في كون معنى : « لعل » ، هو الترجي أو كون مدخولها واقعا موقع الرجاء ـ بتعبير أصح : لأنها أداة ليست موضوعة لمفهوم الترجي ـ ، إذ هي تستعمل في موارد لا تتناسب مع إرادة الرجاء الّذي هو عبارة عن توقع المحبوب ، بل تتناسب مع إرادة الخوف من مكروه متوقع ، كما في قول الإمام عليهالسلام في دعائه : « لعلك وجدتني في مقام الكاذبين » ، وكقول القائل : « لعل زيدا يموت غدا » في مقام بيان احتمال موته المكروه لا في مقام تمنيه. وغير ذلك.
ولأجل ذلك فالأنسب : ان يقال انها موضوعة لإفادة وقوع مدخولها مع
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٩٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.