دليل معتبر فلا يجري في حقه الأصل. كما انه لو كان ظانا بالحكم بظن غير معتبر كان موضوعا للأصل ، فيلزم ان يكون بعض موارد الظن محكوما بحكم الشك وبعض موارد الشك محكوما بحكم الظن. وإذا كان نظره إلى لزوم التداخل في المصداق ـ كما أشار إليه المحقق العراقي (١) ـ لم يرد عليه إشكال المحقق الأصفهاني بان هذا المعنى ليس من التداخل في شيء باعتبار ان الحجية ـ في بعض موارد الشك ـ لا تثبت للشك بعنوانه ، كما ان الأصل ـ في بعض موارد الظن ـ لا يثبت للظن بعنوانه (٢). فالتفت.
وقد حاول المحقق العراقي تصحيح تقسيم الشيخ رحمهالله إلى هذه الأقسام الثلاثة ، بدعوى : ان تثليث الأقسام انما هو بلحاظ ما للاقسام المذكورة من الخصوصيات الموجبة للحجية من حيث الوجوب والإمكان والامتناع ، إذ القطع بلحاظ كاشفيته التامة مما تجب حجيته عقلا ، والظن بلحاظ كاشفيته الناقصة مما يمكن حجيته ، والشك بلحاظ تردده بين محتملين يمتنع جعل الطريقية والحجية له ، لأنه مستلزم لجعل الطريق إلى المتناقضين وهو محال. فالتثليث انما هو للإشارة إلى الاختلاف من هذه الجهة ووقوع البحث فيها. واستشهد على ذلك بما ذكره الشيخ في أول البراءة (٣).
ولكن هذه المحاولة فاشلة ، وذلك لأن البحث في إمكان جعل الحجية للظن ، تارة : يكون من جهة قابليته في نفسه وبلحاظ ذاته في قبال قسيميه ، وهو ما يشار إليه إجمالا ولا يوقع البحث فيه مفصلا ، بل يكتفي في بيانه بقليل الألفاظ كما بينه الشيخ رحمهالله في أول مباحث البراءة (٤). وأخرى : يكون
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٥ ـ من القسم الأول طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٣ ـ الطبعة الأولى.
(٣) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٤ ـ من القسم الأول ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٤) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ١٩٠ ـ الطبعة الأولى.