فتكون الأداة مستعملة في معنى الفرض والتقدير ، فلا يثبت المفهوم.
هذا مضافا إلى انه مجرد احتمال ثبوتي لا يمكن الالتزام به إثباتا ، إذ صريح الآية الكريمة كون مدخول الأداة مجيء الفاسق ، فإلغاء المجيء عن الشرطية وقصر الشرط على جهة الإسناد إلى الفاسق فقط لا شاهد له أصلا.
ثم انه لو فرض ثبوت المفهوم للآية الكريمة في نفسه وبلحاظ الشرط ، فقد يدعى إنكاره من طريق آخر وهو : العلة المذكورة فيها ، أعني قوله : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) وتوضيح ذلك : ان المقرر هو ان العلة التي تذكر في الكلام للحكم توجب التصرف في موضوعه سعة وضيقا ، ففي مثل قول الطبيب للمريض : « لا تأكل الرمان لأنه حامض » يكون موضوع الحكم هو الحامض مطلقا فيخرج الرمان الحلو ويدخل الحامض من غيره ، فموضوع الحكم يدور مدار العلة.
وهذا الظهور لا شك فيه عرفا ، فكل واحد من افراد العرف يفهم من المثال المتقدم ما ذكرناه.
وفي الآية الكريمة قد أخذ الشرط مجيء الفاسق إلاّ انه علل ذلك بإصابة القوم بجهالة ، ومقتضاه كون الشرط يدور مدار العلة ، فيكون الشرط مطلق موارد عدم العلم لانطباق الجهل عليها. ولازم ذلك عدم حجية خبر العادل إذا لم يفد العلم ـ كما هو المفروض فيما نحن فيه ـ لأنه مشمول للمنطوق.
وبالجملة : ظهور العلة في العموم يكون موجبا للتصرف في الشرط فلا يثبت المفهوم المدعى.
وبهذا التقريب يندفع ما قد يتوهم من : ان مقتضى مفهوم الشرط عدم حجية خبر العادل ، وهو أخص من العلة فيخصصها كما هو المقرر من جواز تخصيص العام بالمفهوم.
وجه الاندفاع : ما عرفت من ان عموم العلة يستلزم إلغاء المفهوم