العمل (١) ، ويكشف ذلك التزامه بقبح التجري واستلزامه لاستحقاق العقاب مع التزامه بعدم قبح الفعل ، فانه لا يتلاءم الا مع التزامه بان التجري عنوان لفعل النّفس ، فهذا الأمر مقدمة مطوية في كلامه. وقد خالفه في ذلك بعض من تأخر عنه ، فذهب إلى انطباق هذه العناوين على الفعل فيكون الفعل قبيحا.
وعليه ، فلا بد من البحث في ذلك ، ثم التعرض بعده إلى البحث في الوجهين الأخيرين اللذين ذكرهما في وجوه عدم كون عنوان القطع من العناوين المحسنة أو المقبحة.
فيقع البحث في ان التجري وما شاكله من العناوين هل هو عنوان لنفس الفعل الخارجي المتجري به أو لا؟ والحق مع صاحب الكفاية.
وقبل بيان الدليل ينبغي بيان شيء وهو انه لا إشكال في عدم صحة الذم بعنوان الجزاء والعقوبة على مجرد وجود صفة كامنة في النّفس ترجع إلى سوء السريرة مع المولى وخبث النّفس مع كون العبد في مقام العمل جاريا على طبق الموازين من دون ان يحدث نفسه بالخروج عن طاعة المولى.
نعم قد يذم على هذه الصفة من قبيل الذم على الصفات غير الاختيارية ، ومرجعه إلى عدم ميل النّفس إليها كعدم ميل النّفس لقبح الصورة. كما انه لا إشكال في صحة الذم بعنوان الجزاء على صيرورة العبد في مقام المخالفة ، فللمولى ان يستنكر على عبده عملا قام به معنونا بالطغيان عليه ومخالفته.
انما الإشكال فيما عرفت من ان عنوان التجري هل هو عنوان للخارج أو لا؟ ، وقد عرفت اختيارنا لرأي صاحب الكفاية الراجع إلى اختيار ان التجري من عناوين فعل النّفس لا الخارج.
والوجه فيه : ان العبد إذا صار بصدد الجري الخارجي فيما يخالف رضا
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٥٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.