لرفع ما يمكن ان يقع في قلب السائل من الاستقذار. ثم علّل ذلك بـ : « ان الدين ليس بمضيق ان الله ... ». ومن الواضح انه بيان لجعل هذه الأحكام وان الشريعة سهلة لا ضيق فيها كما قد يتخيل. فليس في تطبيق الآية نظر الا إلى ذلك لا إلى نفي حكم حرجي.
وهذا لا يختلف عن ظاهر الآية الأولى على ما عرفت.
ومنها : رواية الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام : « في الرّجل يغتسل فينتضح من الماء في الإناء؟. فقال : لا بأس ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) .. » (١).
وهذه الرواية كسابقتها ، فان السائل يحتمل أن يؤثر اختلاط الماء بما استعمل في رفع الحدث الأكبر موجبا لعدم صحة الغسل منه ، فنفاه الإمام عليهالسلام وبين انه لا بأس بالغسل منه ، إما لعدم مانعيته أو لعدم مانعية اختلاط هذا المقدار القليل منه ، ثم استشهد بالآية الشريفة. ومن الواضح ان نظر الإمام عليهالسلام ليس إلى رفع الحكم في مورد الحرج ، بل إلى بيان عدم المانعية من رأس ، وهو من الأحكام السهلة التي بنيت الشريعة عليها.
وهكذا الكلام في غيرهما من النصوص فلاحظهما في مظانها.
وخلاصة الكلام فيها : ان دليل نفي العسر والحرج يتكفل ـ لو سلم ثبوته ـ رفع الأحكام التي يكون لها مقتضي الثبوت بلحاظ دليلها.
وفي موارد هذه النصوص ليس هناك حكم كذلك بحيث يتكفل النص رفعه ويكون حاكما على دليله ، بل هي تتكفل إثبات حكم سهل أو بيان عدم ثبوت حكم متوهم الثبوت ، ثم بيان ان ذلك مقتضى سهولة الدين وعدم الضيق فيه ، وهذا أجنبي عن رفع الحكم في مورد الحرج.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ ـ باب : ٩ من الماء المضاف ، حديث : ٥.