فان كان المراد بقوله عليهالسلام : « بما شئت » المعنى الأوّل ، كان اللازم حمل الأمر بالاحتياط على الإرشاد أو على الجامع بين الوجوب والاستحباب ، وهو مطلق الرجحان. لوجوب بعض مراتب الاحتياط دون بعض. فلا يمكن حمله على الوجوب التخييري بين جميع المراتب. وان كان هو الثاني ، لم يكن مانع من حمله على الاستحباب ، لأنّ حمله على الوجوب غير صحيح ، لعدم وجوب الغاية القصوى والمرحلة العالية من الاحتياط قطعا. وتشبيه الدين بالأخ في الرواية ـ أخوك دينك .. ـ يقتضي الحمل على الثاني ، فان الأخوّة هي أعلى مراتب الارتباط بين افراد البشر ، حيث ان الصّلة بين الأخ والأخ هي أعلى مراتب الصّلة ، بالنسبة إلى الصلة مع غير الأخ من الأشخاص أو الأموال.
وحينئذ فجعل الدين بمنزلة الأخ معناه : رجحان المرتبة العالية من الاحتياط بشأن الدين ، كما ان المرتبة العالية من الروابط بين الإخوة متحققة وثابتة (١) (*).
واما روايات التثليث : كـ :
مقبولة عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ في حديث ـ قال : « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به عن حكمنا ، وبترك الشاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فان المجمع عليه لا ريب فيه .. وإنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك. فمن ترك
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى فرائد الأصول ـ ٢١٠ ـ الطبعة الأولى.
(*) هذا ، ولم يتعرض سيدنا الأستاذ ( دام ظله ) لسائر الروايات التي تكون بهذا المضمون لما تقدم من المناقشة في روايات الطائفة الثانية ، مضافا إلى ضعف إسنادها.