إذ الفعل المتجري به لا يكون قبيحا.
وبالجملة : الّذي يذهب إليه الشيخ هو انه ليس في مورد التجري سوى سوء السريرة وهو غير ملازم للعقاب ، لأن العقاب يترتب على القبح الفعلي لا الفاعلي (١).
وفي قباله ذهب صاحب الكفاية إلى ثبوت العقاب في مورد التجري على الجري النفسيّ على طبق الصفة الكامنة في النّفس الّذي عبر عنه بالقصد إلى العصيان ـ كما تقدمت الإشارة إليه (٢) ـ. فمحط الخلاف بين الشيخ وصاحب الكفاية هو ان صاحب الكفاية يرى ان هناك فعلا اختياريا من افعال النّفس يتعنون بعنوان قبيح فيترتب عليه العقاب كسائر الأفعال القبيحة النفسيّة والخارجية. والشيخ لا يرى سوى صفة نفسية غير اختيارية والتجري من عناوين الفعل الخارجي والفعل غير قبيح لعدم كونه معصية ، ولا معنى للعقاب على الصفة النفسيّة ، بل يترتب عليها الذم ، والذم الصادر في مورد التجري من باب انه كاشف عن الصفة النفسانيّة القبيحة لا من جهة نفس الفعل المتجري به كي يلازم العقاب.
والّذي نراه ان الحق مع الشيخ ، وان القبح الفاعلي الموجود في صورة التجري لا يلازم العقاب وانما الّذي يلازمه هو القبح الفعلي ، فلا وجه لما ذكره صاحب الكفاية من ثبوت العقاب على فعل النّفس ، ويدل على ما ندعيه وجهان :
الأول : انه لا إشكال في ثبوت العقاب على المعصية الحقيقية بحكم العقلاء فلو كان القصد إلى المعصية مستلزما للعقاب للزم ان يحكم العقل في مورد المعصية الحقيقية باستحقاق عقابين لحصول سببين له وهما ـ القصد إلى المعصية
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٥ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٦٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.