وغيرهم كثير ، لكن ما ينبغي الإشارة إليه هنا ، هو ما انفرد به ابن الجزري في غاية النهاية ، حين ذكر عددا آخر من تلاميذ الكسائيّ ، أخذوا عليه القراءة فاق الأربعين تلميذا.
لعل الصورة الواضحة للكسائيّ رسمت أبعادها الرئيسية ببيان حياته العلمية ، وصلته بمن جاء قبله من أهل العلم ، وصلته بمن جاء بعده ، من تلاميذ نهلوا من علمه ، ولعل اكتمال الصورة الواضحة عن الكسائيّ ، يتطلب التعرف على شيء من حياته الخاصة ، وأهم سمات وملامح أسلوبه في تناول أحداث الحياة.
وتفيد المصادر على تنوعها بأن الكسائيّ كان صاحب دعابة وطرفة ، لكن في إطار مأمون ، لا ينال من وقاره ولا من هيبته ، وقد قيل لأبي عمر الدوري : كيف صحبتم الكسائيّ على الدعابة التي فيه؟ قال : لصدق لسانه (١).
وكان الكسائيّ ورعا في فتواه ، ومما يشهد لتثبّته في ( الفتوى ) ، وشدة حذره أن يجانب الصواب : ما حكاه الفراء عنه ، قال : لقيت الكسائيّ يوما ، فرأيته كالباكي ، فقلت له : ما يبكيك؟ فقال : هذا الملك ـ يحيى بن خالد ـ
__________________
(١) معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار « للذهبي » (١٢٠).