الخروبي » كبير تجار مصر قد جاور في تلك السنة ، استصحبه معه ، وسمع في تلك السنة « صحيح البخاري » على « مسند الحجار : الشيخ عفيف الدين عبد الله النشاوري » خاتمة أصحاب الإمام رضي الدين الطبري.
ثم حبّب الله « لابن حجر » فن الحديث فأقبل عليه بكليته ، من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ، فما بعدها ، فعكف على الشيخ « الزين العراقي » وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندا ، ومتنا ، وعللا ، واصطلاحا ، وارتحل إلى بلاد الشام ، والحجاز ، واليمن ، ومكة المكرمة ، وما بين هذه النواحي ، وأكثر جدّا من المسموع ، فسمع العالي والنازل ، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره.
وكان « ابن حجر » رحمهالله تعالى تفقه على الشيخ « البلقيني ، والبرماوي ، وابن الملقّن ، والعزّ بن جماعة » وعليه أخذ غالب العلوم الآلية ، والأصولية مثل : « المنهاج ، وجمع الجوامع ، وشرح المختصر ، والمطوّل ». احتل « ابن حجر » مكانة سامية بين الجميع ، وقد أثنى عليه الكثيرون. وفي هذا يقول « الإمام الشوكاني » :
درّس « ابن حجر » بمواطن متعددة ، واشتهر ذكره ، وبعد صيته ، وارتحل إليه العلماء ، وأخذ عنه الناس طبقة بعد طبقة ، وألحق الأصاغر بالأكابر ، وامتدحه الكبار ، وتسابق فحول الشعراء بمطارحته ، إذ كان له يد طولى في الشعر.
وقد أورد منه جماعة من الأدباء المصنفين أشياء حسنة جدّا ، وكلهم بعلوّ درجته في ذلك ، ومن شعره قوله :
خليليّ ولّى العمر منا ولم نتب |
|
وننوي فعال الصالحات ولكنّا |
فحتى متى نبني البيوت مشيّدة |
|
وأعمارنا منا تهدّ وما تبنى |