ومن شعره أيضا :
ثلاث من الدنيا إذا هي أقبلت |
|
لشخص فلا يخشى من الضرّ والضير |
غنى عن بنيها والسلامة منهم |
|
وصحّة جسم ثم خاتمة الخير |
وكان رحمهالله تعالى مصمما على عدم الدخول في القضاء ، ثم شاء الله تعالى أن ولاه « المؤيّد بالله » الحكم في بعض القضايا ، ثم عرض عليه الاستقلال به ، وألزم من أحبائه بقبوله فقبل ، واستقرّ في القضاء من شهر المحرّم سنة سبع وعشرين وثمان مائة ، بعد أن كان يعرض عليه قبل ذلك وهو يأبى ، ثم ندم على ذلك ، وتزايد ندمه على القبول ، وصرّح بأنه جنى على نفسه بذلك ، ولم يلبث أن صرف عنه ، ثم اعيد إليه ، ولا يزال كذلك إلى أن أقلع عنه في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ، ثم زهد في القضاء زهدا كبيرا من كثرة ما توالى عليه من المحن والإنكار بسببه ، وصرح بأنه لم يبق في بدنه شعرة تقبل اسم القضاء.
قال تلميذه « الإمام السخاوي » : « وجميع مدد قضائه إحدى وعشرون سنة ، ثم انقطع للعلم فبرز فيه ، وبعد صيته ، ورحل الأئمة إليه ، ونزح إليه التلامذة من كل قطر للتزوّد منه. فكان رئيس العلماء من كل مذهب ، وبكل قطر ، وانتشرت جملة من تصانيفه في حياته ، وأقرأ الكثير منها ، وتهادتها الملوك ، وكتبها الأكابر ، وسارت في كل قطر مسير الشمس ، ولو لم يكن له إلا شرح البخاري لكان كافيا في علوّ قدره » اهـ (١).
ولما كمّل شرح البخاري تصنيفا ، وقراءة ، عمل رحمهالله تعالى وليمة عظيمة بالمكان الذي بناه « المؤيد بالله » خارج القاهرة في يوم السبت ثامن شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة.
__________________
(١) انظر مقدمة الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ج ١ ، ص ١٢.