وقرأ رحمهالله تعالى المجلس الأخير هنالك ، وجلس « ابن حجر » على الكرسي.
قال تلميذه « السخاوي » : « وكان يوما مشهودا لم يعهد أهل العصر مثله بمحضر من العلماء ، والقضاة ، والرؤساء ، والفضلاء ، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا ، وفرّق عليهم الذهب » (١).
وقد شهد له شيخه « العراقي » بأنه أعلم أصحابه بالحديث.
وقال كلّ من « التقيّ الفاسي والبرهان الحلبي » : ما رأينا مثله وفيه يقول « التقيّ بن فهد » : هو علامة حافظ محقق ، متين الديانة ، حسن الأخلاق ، لطيف المحاضرة ، جيّد التعبير ، عديم النظير ، لم تر العيون مثله (٢).
وتجمع كتب التراجم على أن « ابن حجر » تصدى لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعة ، وإقراء ، وتصنيفا ، وتفرد بذلك ، وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد ، والعدوّ والصديق ، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع.
وزادت تصانيف « ابن حجر » على مائة وخمسين مصنفا ، وفيها يقول « التقيّ بن فهد » إن أولاها في التقديم « فتح الباري شرح البخاري » في بضعة عشر مجلدا ، ومقدمة في مجلّد ضخم يشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حذفت منها.
و « فتح الساري لمقدمة فتح الباري » و « تهذيب التهذيب » وهو اختصار « لتهذيب الكمال » للمزّي ، مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر ، ثم لخصه في مجلد سمّاه : « تقريب التهذيب » وكتاب « الإصابة في تمييز
__________________
(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٩٠.
(٢) انظر مقدمة الدرر الكامنة ج ١ ، ص ١٢.