القاضي ، فلم يركبها ، وركب حماره ، ودخل معهم ، فسكن بالمنارة الشرقية ، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا ، ويقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ، ويعجنه ، ويخبزه. اهـ (١).
وأقول : هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها : أن « عليّ بن داود » كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم ، كما يدل على قناعته وعفة نفسه ، وزهده في الدنيا ، وتطلّعه إلى الدار الآخرة.
توفي « عليّ بن داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ.
ومن شيوخ « محمد بن أحمد القزويني » في القراءة : « الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي » ، وهو أستاذ ماهر حافظ ، سكن « مصر » وقرأ على شيوخها ، وفي مقدمتهم : « أبو الفتح بن بدهن ».
قال عنه الإمام الدانيّ : كان « الحسن بن سليمان الأنطاكي » أحفظ أهل زمانه للقراءات ، والغرائب من الروايات ، والشاذ من الحروف ، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا ، ويحفظ إعرابا وعللا ، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان ، وحسن منطق لا يلحق ، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر ، والوقف.
وتتلمذ عليه عدد كبير منهم « محمد بن أحمد بن سعد القزويني ».
توفي « الحسن بن سليمان الأنطاكي » بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وكما أخذ « محمد بن أحمد القزويني » القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا
__________________
(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.