نعم ، إنّ ظهور قوله : « فشكّ » في الانقضاء أيضاً ممنوع ، فإنّه في مثل كان على قيام فقعد ، إنّما كان لأجل التضادّ بين الفعلين ، واليقين والشكّ وإن كانا كذلك إلاّ أنّ التضادّ بينهما إنّما يتمّ مع وحدة المتعلّق ، أمّا مع إمكان تعدّده فلا تضادّ بينهما ، وحينئذ تكون الرواية صالحة لأحد الأمرين ـ أعني قاعدة اليقين والاستصحاب ـ ولا جامع ، لأنّ الاستصحاب محتاج إلى عناية في النقض كما سيأتي بيانه من التوقّف على النقض الوجداني ، وعليه تكون الرواية مجملة مردّدة بين الأمرين ، وإن كان الحمل على قاعدة اليقين (١) لعدم احتياجه إلى تلك العناية ، بخلاف الاستصحاب فإنّه محتاج إليها ، لكن بقرينة تطبيق هذه القضية في باقي الروايات على موارد الشكّ في البقاء بعد اليقين بأصل الحدوث المحتاج إلى العناية الآتي ذكرها ، يلزمنا القول بأنّ المراد بالكبرى في هذه الرواية هو المراد بها في باقي الروايات من موارد اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، ويؤيّد ذلك أنّها ظاهرة في أمر عقلائي ، وهو إنّما يجري في موارد الشكّ في البقاء بعد اليقين بالحدوث.
أمّا العناية المشار إليها فحاصلها : هو أنّ التعبّد بعدم نقض اليقين بالشكّ إنّما يحسن بعد فرض كونه منهدماً به وجداناً ، وهذا إنّما يتمّ في قاعدة اليقين دون الاستصحاب ، لكن لمّا طبّق الإمام عليهالسلام هذه القضية على موارد الاستصحاب التي يكون اليقين فيها متعلّقاً بالحدوث ، ويكون الشكّ فيها متعلّقاً بالبقاء ، فلا هدم ولا انهدام ، فكيف تمّ التعبّد في موارد تلك الروايات.
وعلاجه في ذلك هو أن يقال : إنّ اليقين بالحدوث يلازم اليقين بالبقاء ولو ادّعاءً لا حقيقة ، وهذا ممّا يؤيّد مسلك الشيخ قدسسره (٢) من اختصاص الاستصحاب
__________________
(١) [ لا يخفى أنّ العبارة ناقصة ولكن المقصود واضح ].
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٥١ وما بعدها.