للنهي التعبّدي ، بل إنّ اليقين المتأخّر فيه ناقض للشكّ السابق.
نعم ، لو كان مفاد الأخبار مقصوراً على مجرّد الأخذ باليقين والنهي عن الأخذ بالشكّ ، لأمكن القول بشمولها للاستصحاب القهقرى ، لكن حينئذ يكون دائماً مبتلى بمعارضة الاستصحاب العدمي ، حيث إنّ جرّ اليقين بالوجود إلى ما قبل يعارضه جرّ اليقين بالعدم فيما تقدّم إلى زمان اليقين بالوجود ، كما لو علمنا فعلاً بأنّ الصلاة صارت اسماً لذات الأركان ، فنريد بالاستصحاب القهقرى إثبات ذلك في عصره صلىاللهعليهوآله لتكون حقيقة شرعية ، لكن يعارضه أصالة عدم نقلها لذلك من الدعاء ، وجرّ ذلك العدم ممّا قبل زمانه صلىاللهعليهوآله إلى ما بعد زمانه.
فائدة : ذكر في الجواهر خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام المروي عن قرب الاسناد ، قال : « سألته عن رجل يكون على وضوء ويشكّ على وضوء هو أو لا ، قال عليهالسلام : إذا ذكر وهو في صلاته انصرف فتوضّأ وأعادها ، وإن ذكر وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك » (١) قال في الجواهر في مباحث خلل الوضوء : ولعلّ مراده بقوله : « يكون على وضوء » أنّه اعتقد أنّه على وضوء ثمّ شكّ بعد ذلك ، أي زال اليقين الأوّل ورجع إلى الشكّ ، ويستفاد منه حينئذ التنبيه على أنّ من اعتقد الوضوء مثلاً ثمّ زال عنه اليقين إلى الشكّ كان الحكم للأخير ، وإن كان لا تجب عليه إعادة العمل الذي أوقعه (٢) لقاعدة الفراغ ، وعدم الاعتناء باليقين السابق لكون المسألة من قبيل الشكّ الساري ، فيكون المفروض في الرواية من موارد قاعدة اليقين ، وقد حكم عليهالسلام بعدم اعتبارها ، فيكون الخبر من أدلّة عدم حجّية قاعدة اليقين.
__________________
(١) قرب الاسناد : ١٧٧ / ٦٥١ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٧٣ / أبواب الوضوء ب ٤٤ ح ٢.
(٢) جواهر الكلام ٢ : ٣٥٠.