الشكّ كما هو لازم أخذ العلم غاية له ، وليس المتحصّل من الحكم باستمرار الطهارة في مقام الشكّ إلى حين العلم بالنجاسة إلاّ الاستصحاب.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ الحكم الاستصحابي يحتاج إلى جهتين : اليقين السابق والشكّ اللاحق ، وهذه الأخبار لمّا لم يكن لها تعرّض ليقين سابق لم يمكن دلالتها على الاستصحاب ، فلا يكون مفادها الذي هو الحكم بالطهارة في مقام الشكّ إلى حين العلم بالنجاسة إلاّعبارة عن قاعدة الطهارة.
وما أفاده الشيخ قدسسره (١) في خصوص قولهم عليهمالسلام : الماء طاهر حتّى يعلم بقذارته ، من تحقّق اليقين السابق ارتكازاً ، لما هو المرتكز في الأذهان من كون الماء طاهراً بحسب الخلقة الأصلية.
غير نافع في تمامية دلالته على الاستصحاب ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الطهارة بحسب الخلقة الأصلية لا اختصاص لها بالماء ، بل هي متحقّقة في جميع الأشياء ما عدا نجس العين ، فينبغي أن يتمّ ما أفاده قدسسره في قولهم عليهمالسلام : « كلّ شيء لك طاهر » مضافاً إلى إمكان كون الماء بحسب خلقته الأصلية نجساً ، كما في الماء المصعّد الملاقي للنجاسة حين تصعيده.
على أنّ الطهارة بحسب الخلقة الأصلية لا تنفع في كثير من الموارد التي لا يجري فيها استصحاب الطهارة ، كما في صورة تعاقب الحالتين ، وكما لو تنجّس الماء ثمّ طهّرناه ثمّ شككنا في نجاسته ، فإنّ الطهارة المستصحبة فيه ليس هي الطهارة بحسب الخلقة ، وكما في الماء المردّد بين المأخوذ ممّا هو باق على طهارته والمأخوذ ممّا قد عرضته النجاسة قطعاً ، بناءً على ما أفاده شيخنا
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٧٧.