قوله تعالى في آية ٢٩ في سورة البقرة : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ).
وليست هذه الآية مسوقة للحلّية ، وإلاّ لكانت من أقوى الأدلّة على الاباحة في الشبهات الحكمية التحريمية ، بل هي مسوقة لبيان نعمته تعالى ، وأنّه خلق ما في الأرض لأجل انتفاع بني آدم من وجوده بشتّى الانتفاعات اللائقة بذلك الشيء لكنّها لا تخلو عن الدلالة على حلّية الأكل والشرب فيما هو مأكول ومشروب ، وحلّية اللبس والركوب فيما هو ملبوس ومركوب ، وهكذا الحال في باقي الموجودات والانتفاعات. وعلى كلّ حال ، فليس لهذه الآية ذكر فيما حرّره السيّد سلّمه الله ولا فيما حرّرته عنه قدسسره ، فراجع.
والأولى إبدالها بمثل قوله تعالى في سورة البقرة : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) الخ (١) ومثلها آيات أُخر ذكرها الجزائري في أوّل المكاسب من آيات الأحكام (٢).
قوله : ودعوى أنّ كلمة « حتّى » تدلّ على استمرار حكم ما قبلها ـ إلى قوله ـ واضحة الفساد ... الخ (٣).
لا يخفى أنّ الوجوه المحتملة في تقريب دلالة هذه الأخبار على الاستصحاب أربعة :
الأوّل : أن لا يكون مفادها إلاّ الاستصحاب ، بتقريب أنّها تتضمّن استمرار الحكم بالطهارة إلى العلم بالنجاسة ، بعد فرض كون مورد الحكم المذكور هو
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٦٨.
(٢) قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر ٢ : ٢٠٨ وما بعدها.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٣٧١.