الثالث : ما يستفاد من الترقي بقوله : بل قد تقدّم منّا (١) وهو أنّ الحكم الظاهري لا يتحقّق إلاّبعد العلم بالحكم والموضوع.
وحاصل الوجه الأوّل هو الاستظهار المحض. وحاصل الثاني هو عدم إمكان تأتّي الحكم الاستصحابي الذي هو الأخذ بالمتيقّن ، وكذا في جميع موارد الأُصول الذي يكون هو الأخذ بأحد طرفي الشكّ لا يكون متحقّقاً أو لا يكون فعلياً إلاّمع الالتفات إلى الشكّ. وحاصل الثالث هو كون الحكم الظاهري مقيّداً بالعلم به وبموضوعه ، فإذا كان نفس الحكم الظاهري مجهولاً أو كان موضوعه مجهولاً ، لم يكن الحكم الظاهري متحقّقاً فعلاً.
قلت : قد تقدّمت الاشارة في بعض مباحث الظنّ أو القطع إلى أنّ الحكم الظاهري كالواقعي غير مقيّد بالعلم ، نعم الآثار العقلية المترتّبة على الحكم الظاهري وهي المعذّرية والمنجّزية لا تتحقّق إلاّعند العلم به ، كما أنّ الآثار العقلية اللاحقة للأحكام الواقعية التكليفية التي هي قبح المعصية وحسن الطاعة ولزومها لا تتحقّق إلاّعند العلم بها أو ما يقوم مقامه.
وإن شئت فقل : إنّ الحجّية من الآثار الوضعية الشرعية ، ولها آثار عقلية ، فهي من هذه الجهة نظير الوجوب الشرعي الذي يكون له أثر عقلي وهو وجوب الاطاعة ، فما لم يحصل العلم بذلك الحكم الشرعي لا يلحقه الأثر العقلي.
أمّا الموضوع ، فإن أُريد به الموضوع الخارجي ، مثل أن تقوم الأمارة على حرمة الخمر ، ويقدم الإنسان على شرب مائع جاهلاً بكونه خمراً ، فحاله حال الجاهل بحجّية تلك الأمارة الذي هو الجاهل بالحكم الظاهري ، في تحقّق الحكم الظاهري في حقّه وعدم ترتّب أثره العقلي عليه. وإن أُريد به الجاهل بقيام الأمارة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣١٧.