ـ أعني كون لفظ « طاهر » الموجود ذا جهتين : جهة جعله محمولاً على الشيء ، وجهة بقائه ـ لا محصّل له ، بل لابدّ حينئذ من تكرار « طاهر » بجعل الأُولى صفة للشيء والثانية خبراً له ، أو جعل الأُولى خبر الشيء والثانية استئناف خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.
ومن ذلك يظهر لك أنّ قوله : « حتّى تعلم » ليس بمتعلّق بـ « طاهر » كي يكون غاية للمحمول ، بل هو قيد للموضوع أعني كلّ شيء ، فلابدّ أن يكون الشيء موصوفاً بالشكّ ، فيختصّ المفاد بمفاد قاعدة الطهارة ليس إلاّ.
ولا يخفى أنّ الأوجه أن يقال : إنّ قوله : « حتّى تعلم » قرينة على توصيف الشيء بالشكّ ، والتقدير : كلّ شيء مشكوك طاهر ما دام مشكوكاً ، فإذا تبدّل إلى العلم بالنجاسة فقد تبدّل الموضوع وخرج عن كونه مشكوكاً ، فيكون « حتّى » مربوطاً بنسبة طاهر إلى الشيء المشكوك.
ثمّ إنّ ممّا ذكرناه من كون الحكم سارياً إلى الأفراد ، وأنّ محصّل القاعدة هو أنّ كلّ شيء مشكوك هو طاهر ، يظهر لك عدم اختصاصها بالشبهات الموضوعية ، وأنّها شاملة للشبهات الحكمية كما حرّره السيّد سلّمه الله عن شيخنا قدسسره (١). لكن يمكن أن يتأمّل في ذلك ، بلحاظ أنّ ظاهر تعلّق الشكّ بالشيء أنّه بنفسه مشكوك هل هو بول أو ماء ، فلا يشمل ما يكون بنفسه معلوماً وإنّما حصل الشكّ في حكمه كالحديد إلاّبنحو من التوسّع والتساهل ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ ذلك فيما لو كان لفظ الشكّ متعلّقاً بالشيء ، دون ما لو استفدناه من قرينة الغاية القاضية بأنّه لابدّ من عناية الشكّ ، ولعلّ قوله عليهالسلام : « حتّى تعلم أنّه قذر »
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٦٤.