إلى المادّة والزجر عنها ، فتكون الصيغة آلة لإيجاد ذلك البعث والزجر ، كما في الدفع والزجر باليد ، غاية الأمر أنّ ذلك البعث والزجر لابدّ أن يكون صادراً عن داعي الانبعاث والانزجار ، فإنّ الانبعاث والانزجار اللذين هما بوجودهما الخارجي بمنزلة المعلول لذلك البعث والزجر ، يكونان بوجودهما العلمي بمنزلة العلّة لذلك البعث والزجر ، كما هو الشأن في العلل الغائية ، فيخرج بذلك البعث والزجر الصادران لا بداعي الانبعاث والانزجار ، بل بداعي التهكّم أو بداعي التهديد أو بداعي التعجيز أو غير ذلك من الدواعي الموجبة لكون البعث والزجر صورياً لا حقيقياً.
وعلى أيّ حال ، فليست الصيغة إلاّ آلة البعث والزجر بأيّ داع كان ، لا أنّ الصيغة تكون آلة لانشاء المادّة ادّعاء كما في « بعت » في كونها آلة لانشاء مادّة البيع حقيقة وإيجاده في الصقع الانشائي أو الصقع الاعتباري ، حتّى لو فسّرنا قولنا اضرب بقولنا كن ضارباً ، فإنّه لا يكون لانشاء وجود الضرب ادّعاء ، بل ليس المفسَّر والمفسّر إلاّ آلة لإيجاد البعث إلى الضرب في الأوّل ، وإلى الكون ضارباً في الثاني ، فلاحظ وتأمّل.
وما أبعد ما بين ذلك ، أعني الالتزام بكون « اضرب » خلقاً لمادّة الضرب ادّعاءً ، وبين التزام من التزم بأنّ مثل « بعت » لا خلق فيه ولا تكوين ، وإنّما يكون تكوين ذلك في النفس ولفظ « بعت » حاك عن البيع الواقع في النفس ، وما أدري هل النفس تخلق البيع قبل قوله : بعت ، ليكون اللفظ حاكياً ، أو أنّها تخلقه في حال قوله : بعت ، فكيف صار اللفظ حاكياً ، وكيف توجّهت النفس في عرض واحد إلى خلق البيع وحكايته.
ثمّ إنّ الذي يظهر من هذا التحرير أنّ الأساس في كون الأحكام التكليفية